مثلا: إذا شك في نفسية الوضوء وغيريته، فالشك المزبور يرجع إلى الشك في أن الصلاة واجبة على الإطلاق، أو مشروطة بالطهور صحة، فإذا كان لدليل الصلاة إطلاق، فيرفع الشك فيما نحن فيه، ويصير المشكوك فيه نفسيا، لأن جواز الإطلاقات اللفظية حجة عند العقلاء ".
وأنت خبير بقصور كل هذه المسالك:
أما الانصراف، فلأنه بلا وجه بعد كثرة الواجبات الغيرية.
وأما تمامية الحجة، فلأنها لا تستلزم كونه نفسيا، فلا يكشف النفسية بذلك. مع أن الكلام في كيفية كشف النفسية والا فتمامية الحجة قطعية عند الكل.
وأما التمسك بالإطلاق، فلما تقرر منا مرارا: من أن الإطلاق المصطلح عليه في بحث المطلق والمقيد، غير الإطلاق المذكور هنا في مباحث الهيئة، فإن الإطلاق هناك يفيد التوسعة، وأن الحكم ثابت لما هو الموضوع له، ولا يكون الأمر الآخر دخيلا فيه، ولا يعقل إفادة الإطلاق أحد القسمين (1).
مثلا: إذا ورد " أكرم العالم " لا يعقل إفادة الإطلاق وجوب إكرام العالم الهاشمي، فهكذا إذا ورد " أكرم زيدا " لا يعقل إفادة إطلاقه كونه واجبا نفسيا، لأنه مقابل الوجوب الغيري، ولهما الجامع الاسمي، فيكون ثمرة الإطلاق كون المستعمل فيه نفس الوجوب الجامع.
وبعبارة أخرى: إن تمامية مقدمات الحكمة، كما تفيد في " أكرم العالم " - بالنسبة إلى الموضوع والمتعلق - أنه نفس طبيعة العالم، والإكرام واجب، كذلك تلك المقدمات تفيد أن ما هو المبعوث إليه، هو نفس الوجوب الجامع بين الغيري والنفسي، فما كان أثر الوجوب الجامع يترتب عليه، ولا معنى لوجوب ترتيب آثار