ينعدم بالفعل، أو يكون من الشرط المطلق، متقدما كان، أو متأخرا، فإنه في هذه الصورة لا تجري البراءة بالنسبة إلى التقييد، لعدم الأثر الشرعي له، ولا يثبت به عنوان النفسية، حتى يقال: بأن قضية أصالة التعبدية إذا شك في التعبدية والتوصلية، هي الاحتياط، فلا بد من قصد القربة بالنسبة إلى ما شك في نفسيته وغيريته.
نعم، إذا كان قربيا على كل تقدير - كما في الوضوء بالنسبة إلى الصلاة - فلا بد من قصدها، كما لا يخفى.
ثانيتهما: ما إذا كان الوجوب الغيري ذا أثر شرعي، كما في الأمثلة المزبورة، فهنا أيضا صورتان:
إحداهما: ما إذا كان للوجوب النفسي أثر، وهو قصد القربة مثلا، فإنه لا تجري البراءة بالنسبة إلى الأكثر والتقيد، لمعارضتها بالبراءة بالنسبة إلى خصوصية النفسية، فلا بد من الاحتياط، بأن يغتسل قربة إلى الله تعالى، ويحافظ عليها إلى أن يأتي بالجمعة، أو أن يأتي بالوضوء قربة إلى الله، ويقدمه على الصلاة، ولا يبطله.
ثانيتهما: ما إذا لم يكن للنفسي أثر، فإنه عند ذلك تجري البراءة بالنسبة إلى آثار خاصة بالغيرية، لعدم جريان البراءة عن خصوصية النفسية، لعدم الأثر لها، ولذلك اشتهر بينهم إجراء البراءة، وكأنهم فرضوا هذه الصورة في كلماتهم، فافهم واغتنم.
هذا كله فيما لم يكن لما شك في نفسيته وغيريته، حالة سابقة من النفسية والغيرية، وإلا فيؤخذ بها. أو كان الوجوب الغيري المشكوك عقليا، لا شرعيا حتى لا يفيد الاستصحاب بناء على عدم جريانه هنا، وجريانه هناك، كما لا يخفى.
ولو كان التردد بين النفسية والغيرية على سبيل منفصلة مانعة الخلو، فيمكن أن تحصل المعارضة بين استصحاب النفسية والبراءة عن الغيرية، فلا تخلط بين