باقية بحالها، ضرورة أن عنوان " العاصي " وعنوان " القادر " لا يجتمعان، لأن عنوان " العاصي " معناه العاجز عن الأهم، وعن امتثاله، وتطبيقه على الوقت المضروب له، أو تطبيقه على الكيفية المأخوذة في الدليل، وهي الفورية مثلا، فلو كان عنوان " القادر " باقيا حال عنوان " العاصي " يلزم كون الأهم مورد القدرة ومورد العجز، وهو محال بالضرورة، وابقاء عنوان " القادر " حال تحقق عنوان " العاصي " معناه ذلك، فلا تخلط.
أن الالتزام بمعية عنوان " القادر " مع " العاصي " غير ممكن، لأجل أن إعمال القدرة في أحد الطرفين، لا معنى له إلا بالإرادة، وإلا فنسبة الشئ إلى القدرة بالإمكان دائما، فيخرج الفعل بالإرادة من أحد الطرفين إلى الطرف المعين، فإذن يصير الشئ واجبا بالغير ويوجد، فإن الشئ ما لم يجب لم يوجد، كما تحرر عند أهله (1)، ومن أنكر هذه القاعدة (2) فهو لأجل جهله بالعقليات، وكفى به عذرا.
هذا مع أن كثيرا من تلك المقدمات مخدوشة، ولا سيما مسألة رجوع الشرط إلى عنوان الموضوع، وأسوأ حالا من ذلك توهم: أن القضايا الشرطية لأجل ذلك، لا تخرج عن الشرطية إلى الإطلاق (3)، وسيأتي أن هذا التقريب وغيره، لا ينحل به مشكلة طلب الجمع بين الضدين، فضلا عن هذه العويصة إن شاء الله تعالى.
ولعمري، إن العلامة النائيني (قدس سره) كان تمام همه حول حفظ القضية الشرطية على حالها بعد تحقق الشرط، غافلا عن أن الأمر كذلك ولكن تنجز القضية الشرطية بتحقق موضوعها، وإذا تحقق الموضوع فكيف يمكن الجمع بين الأمرين المتنجزين المختلفين في الاقتضاء؟!