نعم، قد عرفت: أنه مع فعلية الحكم، لا يمكن القول بدخول المتأخر والمتقدم في محط البحث، للزوم الخلف، ومع الالتزام بصحة الصوم فعلا، لا يبقى وجوب ذي المقدمة، حتى يترشح منه إرادة إلى المقدمة المتأخرة (1). ولكن يمكن إدراجهما في المسألة، لما عرفت: أن أصل البحوث العلمية، يرجع إلى مقام لا تقدم ولا تأخر عنده، فلا مانع من ذلك عقلا أيضا.
إن قلت: كيف؟! ويلزم بناء عليه كون الواجب المشروط، واجبا تحصيل شرطه، وهو مما لا يلتزم به قطعا.
قلت: نعم، إلا أنه لا نظير له في الفقه، ولا مثال له في الشريعة، ولا يلزم منه تحصيل شرط الواجب على الإطلاق، لأن الوجوب مشروط بما ليس موجودا في الزمان، لا بما هو الموجود في أفق آخر حتى يلزم الانقلاب، فلا تخلط.
وإن شئت قلت: الكلام بعد الفراغ عن مرحلة الإثبات، وهي دلالة الدليل على أن الحكم فعلي ومشروط بالمتقدم والمتأخر، أو المأمور به والحكم الوضعي فعلي ومشروط بالمتقدم والمتأخر، وأما لو دل الدليل على عدم فعلية الحكم فلا يلزم تحصيل الشرط، لعدم العلم بفعلية الحكم، كما هو الظاهر الواضح.
فإلى الآن بحمد الله وله الشكر، تبين حدود ما هي الجهة المبحوث عنها في بحث مقدمة الواجب، واتضح أن فعلية الحكم وصحة المأمور به الفعلية، لا تنافي التقيد بالمتأخر، ولا يلزم منه خروج المتأخر عن حريم النزاع، وهكذا بالنسبة إلى المتقدم.
ولو قيل: المعية في لحاظ الشرع الحقيقي، لا تستلزم بقاء الإرادة التشريعية بعد الإتيان بذي المقدمة، فعليه لا يبقى وجه لإرادة المقدمة بعد انتفاء تلك الإرادة.
قلنا: هذا على رأي من يتوهم: أن الإرادة الثانية تترشح عن الأولى، وتتولد