وبالقياس إليه، موجودات محصلة فعلية بوجود غير زماني.
وأنت إذا كنت في بئر ناظر منها إلى من يعبر عليها، فتحكم من ذلك المكان بذهاب واحد، ومجئ آخر، مع أنك إذا كنت على سطح ترى الكل، لا تحكم بذلك قطعا، وليس هذا إلا لأن الأحكام تختلف بلحاظ أماكن الحاكم.
وإذا نظرت إلى هذه المسجلات العصرية، تجد أن المتأخر موجود عندك فعلا، فإن الخطابة المحفوظة في الشرائط لها الأجزاء، بحيث إذا شرع في الإفادة يتقدم بعضها على بعض، مع أن الكل عندك مجتمع وحاضر.
وبهذا القياس الباطل من جهات، والمقرب من جهة واحدة، وبهذا الشمعة سر في الآفاق العلوية، وفوق تلك الآفاق المجردة في الأزمنة المناسبة لها المعبر عنها ب " الدهر " و " السرمد " فلا تجد هناك إلا أن الكل بصورة واحدة جمعية، كما أن الحركة الخارجية توجد بصورة واحدة.
وإذا كان في نفسك هذا التدرج الذاتي موجودا جمعا، فالعالم المتدرج بجوهره يكون هكذا عند السميع البصير، فالصوم لا يكون متقدما، ولا العقد، بل هما مع الأغسال والإجازة عند المقنن الحقيقي ومشرع الإسلامي.
وحيث إن الحاكم بالصحة في هذه الديانة المقدسة، ليس من الزمانيات والواقعيات تحت أحكام الطبائع، حتى يكون الأمر كما توهم، فلا يقاس بالحاكم الزماني، ومن الخلط بين القوانين العرفية التي حاكمها العرف والقوانين الشرعية التي حاكمها الشرع الحقيقي، وقعت هذه الالتباسات والاشتباهات، فالمتأخر ليس إلا مع المتقدم، فلا إعضال. وبهذا تحفظ الظواهر، وترتفع الشبهة، ولا نخرج عن حريم البحث، فافهم واغتنم جيدا.
فالمحصول من ذلك: أن جميع المقدمات داخلة في محط النزاع في بحث المقدمة، كما أن إشكال الشرط المتأخر ينحل في الأحكام والوضعيات والمكلف به.