ولذلك تكون المقابلة بين القضية الحقيقية والخارجية، لا الحقيقية والشرطية في علم المنطق (1).
وهذا مما لا شبهة فيه، وإنما الكلام في أن الأصحاب توهموا: أن القضايا الشرعية بالنسبة إلى القدرة والعجز وأمثالهما، أيضا من القضايا الحقيقية، لامتناع كون موضوعها الأعم، فيكون قوله تعالى: * (حرمت عليكم...) * (2) أي على القادر، وهكذا في الأحكام التي لا موضوع لها، مثل الصلاة، والحج، فإن مخاطبها المسمى ب " الموضوع " أيضا هو القادر.
وبعبارة أخرى: لولا المحذور العقلي لما كان وجه للتصرف في ظواهر الأدلة، ولو أمكن الفرار من هذا المحذور لما كانوا يرضون بذلك التصرف، بجعل موضوع الأدلة " القادر " مع أن الأدلة موضوعها العناوين العامة الأعم من العاجز والقادر، فقوله: * (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) * (3) - حسب الدليل - موضوعه أعم، إلا أن العقل يتصرف عندهم في ذلك، لامتناع خطاب العاجز.
فما هو المهم في المسألة إثبات أن ذلك بمكان من الإمكان، وقد تصدى له - مد ظله - في بعض المقدمات الآتية (4).
ومن هنا ينقدح عدم دخالة هذه المقدمة في أساس مسلكه وقوام مرامه، بل اسقاط كون القدرة موضوعا محتاج إلى البحث، فإن ثبت يعلم أن القضايا الشرعية الحقيقية باقية على ظواهرها، ولا يتم ما تخيلوه.