العنوان المبغوض على الإطلاق، وبين ما يكون الإرادة دخيلة في المبغوضية (1)، فلعمري إنه غير راجع إلى محصل، ولا سيما بعد انتهائه في تحرير تفصيله إلى القول بوجوب ترك المقدمة، فإنه واضح السقوط جدا.
والذي هو الحق الحقيق بالتصديق على تقدير الملازمة: هو أن الكلام في المقام يدور حول معروض الحرمة الغيرية، وأنه هو كل ما يمكن العبد من المبغوض، أو يكون المحرم كل ما يوصل العبد إلى المبغوض النفسي، أو ينتهي إلى المبغوض الأصلي والنفسي، وبعدما عرفت البحث في مسألة مقدمة الواجب، يتضح لك: أن ما هو معروض الحرمة - وهو المبغوض بالعرض - هي العلة المنتهية إلى المبغوض تحت عنوان " الموصل والمنتهي إليه " فيكون الشرع قد نهى وزجر عن شرب الخمر مثلا، وعن إيجاد الموصل إليه والعلة المنتهية إليه.
ولكن المكلف تارة: يعجز عن الشرب بترك المقدمة الأولى من المقدمات الطولية، وعند ذلك يمتثل الأمر الغيري، لأنه بتعجيزه نفسه عن الشرب - بترك المقدمة الأولى - امتثل النهي الغيري، وترك الموصل إلى الشرب.
فالفرق بين الواجب والحرام في المقدمة، ليس إلا في هذه الجهة: وهي أنه من ناحية امتثال الأمر الغيري، لا بد من إتيان جميع المقدمات المنتهية إلى الواجب، ومن ناحية امتثال النهي الغيري، لا يحتاج إلى ترك جميع المقدمات المنتهية إلى المبغوض الذاتي، بل ترك الأولى كاف.
فلو لم يترك الأولى، لا يعد بالنسبة إلى النهي الغيري غير ممتثل، لإمكان ترك الثانية، وهكذا إلى أن ينتهي إلى الإرادة والفعل المحرم، فإن ترك الإرادة فقد امتثل النهي الغيري، وإلا فإن أراد، وتحقق الفعل، فقد اتصفت المقدمات بالحرمة الغيرية.