ولكنه لا يوصف بالوجوب.
وحيث إن الأمر الغيري التوصلي، متقوم في اللحاظ بلحاظ الأمر النفسي، فقهرا يحصل قصد التوصل به إلى الواجب، فما هو معروض الوجوب هو المقدمة بقصد التوصل، وما هو يورث تمكنه من الواجب أعم من ذلك.
فتحصل من هذا التقريب البديع: أن ما هو الموصوف بالوجوب، ومعروض هذه الصفة، غير ما هو معروض المطلوب وموصوف هذه الصفة، فإن للمولى بعد الأمر بالصلاة - بناء على وجود الملازمة - شيئين:
أحدهما: ما هو مطلوبه ومحبوبه.
وثانيهما: ما هو مأموره ومورد تشريعه.
أما الأول: فهي مطلق المقدمة، لأنه بها يتمكن من الواجب النفسي، وهذه الملازمة مما لا تكاد تنكر عند منكري الملازمة في الفرض الثاني.
وأما الثاني: فهي المقدمة بقصد التوصل، أي المقدمة التي تصدر عن اختيار، لأن معنى إيجابه، هو بعث العبد بصرف قدرته في ناحية الوجود والإيجاد، فيكون المطلوب التشريعي هو المعنى المصدري، وإن كان المطلوب التكويني هو الوجود والمعنى الاسم المصدري.
فإذا اعتبر صدوره عن اختيار في اتصافه بالوجوب، حتى في التوصليات النفسية، فإذا كان الواجب غيريا، فهو كالمتضايفين بالنسبة إلى الواجب النفسي، فلا ينفك تصوره عن تصور ذاك، فيكون معروض الوجوب هي المقدمة بشرط قصد التوصل بها إلى الواجب النفسي، فافهم واغتنم.
ومما ذكرناه وحررناه، يظهر مواقف النظر في كلمات القوم والأعلام في المقام، من غير الحاجة إلى التشبث ببعض المقدمات التي قررها بعض المدققين من