ثانيها: دخول الوجود بالنسبة إلى الماهية في محل النزاع، بناء على تجريد الوجود منها، فإنه لو كان العقل يدرك أن الطبيعة لا تصير قابلة للأثر إلا بالوجود، فيقع البحث المزبور هنا، ويكون الوجود مقدما على الطبيعة تقدما بالحقيقة، على ما هو المصطلح عليه في الكتب العقلية (1)، فإذا أمر بالضرب، تحصل - على القول بوجوب المقدمة - إرادة أخرى لإيجادها خارجا مقدمة.
ثالثها: يدخل العلل الناقصة والمعدات الوجودية، التي يكون تقدمها على ذي المقدمة تقدما بالطبع، ويكون تأخر ذي المقدمة عنه تأخرا بالطبع. وهذا هو القدر المتيقن عند الأصحاب في محط النزاع.
رابعها: دخول أجزاء المركب، فإن ذات كل جزء إذا لوحظ بالنسبة إلى المركب التأليفي كالبيت، والاعتباري كالصلاة، بل والحقيقي كالجسم - على إشكال منا في تركبه، ولقد تحرر في كتابنا " القواعد الحكمية " (2) بساطته - فهو أمر مباين للكل، ولا يعتبر منه عنوان " الجزئية " في هذا اللحاظ، لأن المنظور هو ذاته، لا عنوان " الجزء " ويصح في هذا اللحاظ سلب عنوان " الصلاة " عن الركوع والسجود، وهكذا كل واحد من الأجزاء إذا لوحظ مستقلا وبعنوانه الذاتي الدخيل في تحقق الكل.
وهذا قسم آخر من التقدم والسبق، فلك أن تعبر عنه ب " التقدم بالطبع " لأن الصورة والمادة - كل واحدة - مقدمة على الجسم بالطبع وإن كان الجسم في ماهيته مركبا منهما على المشهور (3)، أو سمه باسم آخر، وهو " التقدم بالذات " مثلا،