ويسمونها: المبادئ الأحكامية، وهذا منها. ولا يكون من مباحث الأصول، لأن موضوعه هو الحجة في الفقه، ولا معنى للبحث عن الحجية هنا، بل البحث عنها بعد الفراغ عن أصل وجودها، وما هو محل البحث هي الملازمة بين الوجوبين، فإن كانت الملازمة فالحجية أحد المتلازمين على الآخر واضحة، ولا معنى للبحث، وإن لم تكن ملازمة فلا معنى للحجية ".
وأنت خبير بما مر منا في محله: من أن المعتبر في العلوم هي المبادئ التصورية، والتصديقية، وليست مبادئ الأحكام إلا راجعة إلى إحداهما (1).
هذا مع أن ما هو محط البحث هو حجية الملازمة، ولا يلزم في المسائل التي يحمل عليها " الحجية " كونها محل الخلاف، كحجية القطع، فبعد ثبوت الملازمة يبحث عن حجيتها، فيصير بحث المقدمة من المبادئ التصديقية لموضوع هذه المسألة.
أو هي من المسائل الفقهية، لأن البحث حول المقدمة يرجع إلى أنه واجب شرعا، أم لا (2)؟
وفيه: أن المنظور فيه هو استكشاف أن الملازمة بين الإرادتين ملازمة عرفية، فإن ثبتت الملازمة فيحكم بالوجوب.
وبعبارة أخرى: إذا سئل عن الفقيه: " ما الدليل على وجوبها؟ " فلا بد وأن يتمسك بمثل ذلك، فما هو المبحوث عنه هنا ليس بحثا فقهيا، وإن كان ظاهر عنوان القوم يوهم ذلك. ولكنك عرفت: أن عنوان البحث ما ذكرناه: وهو أنه إذا أوجب الشرع شيئا، فهل تكون مقدماته مرادة، أم لا؟ وهذا معناه أنه هل العقلاء والعرف، يرون الملازمة حتى يحكموا بوجود اللازم، أم لا؟ فليتدبر.