المشروطة احتمالا بالغسل، وعند ذلك يمكن التفصيل في الصورة الثالثة بين المسالك، وبين كون دليل الصلاة في المثال المزبور عاما، أو مطلقا، بناء على اختلافهما في الإفادة والمفاد، فلا تخلط.
وأما في الصورتين الأوليين اللتين هما مصب البحث ومورد الكلام، فهو بعدما عرفت: من أن بناء العقلاء قائم على الأخذ بالنفسية فيما إذا لم يكن قرينة على الغيرية، أو قرينة صالحة على احتمال إرادة الغيرية، بحيث يصير الشك عند العقلاء شكا مستقرا في أنفسهم، وكان البحث حول ما يمكن أن يعد وجها علميا للمسألة، فما هو الوجه الوجيه عندنا ما قد مضى تفصيله منا في مباحث الهيئات، وكيفية استفادة الوجوب، والنفسية، والعينية، والتعيينية هناك (1).
وإجماله: هو أن القرائن بين ما هي كلية وجزئية، وبين ما هي وجودية وعدمية، والقرائن الوجودية: هي التي يتكل عليها المتكلم بإظهارها في الكلام، أو في المقام، والقرائن العدمية: هي التي استفيدت من دأب المتكلم وعادته وطريقته وسجيته.
مثلا: إذا علمنا من عادة المتكلم: أنه إذا كان يريد شيئا على نعت الإلزام، لا على نعت الاستحباب، لا يلحق بكلامه شيئا مما فيه الشفقة والرحمة، فإنه عند ذلك يعرف الوجوب، لأجل القرينة العدمية، وهي عدم إتيانه بالقرينة بعد كونه بانيا على القرينة بغيره، فهذه هي القرينة العدمية.
والتي هي المعروفة من طرق العقلاء في محاوراتهم، أنهم في مقام إفادة النفسية، والتعينية، والعينية، والوجوب، والتنجز، وغير ذلك من أقسام الواجبات، لا يأتون بالقرينة الوجودية في كلماتهم على إفادتها، فهي قرينة عدمية على مرامهم في الاستعمالات، فكما يستفاد القسيم - وهو الغيري والندب - من القرينة، يستفاد