بابراء ذمة الميت، وكما لو حج النائب عن الحي، فإنه لو كان حجه صحيحا يترتب عليه الأثر، وهو سقوط الحج عن المنوب عنه، العاجز عن مباشرة أعمال الحج، وكما لو أدى المورث حقوقه الواجبة عليه، من الديون والزكوات والأخماس، فإنه لو أداها على وجه الصحة ترتب عليها الأثر، بالنسبة إلى الوارث، وهو عدم تكليفهم بالأداء ثانيا من التركة التي انتقل إليهم، وكما لو فعل من فوض اليه فعل من عقد أو إيقاع وغيرهما، من الافعال التي تدخل فيها الوكالة والتفويض، سواء كان بالاستئجار أو غيره، فإنه لو فعلهما على وجه الصحة ترتب عليها الأثر، بالنسبة إلى الموكل، والمفوض، والمستأجر، تجري أصالة الصحة في الجميع، لو شك في الصحة والفساد، بعد إحراز أصل وقوع الفعل ولا إشكال فيه.
وإنما الإشكال في أنه باي شيء يحرز أصل وقوع الفعل عند الشك في وقوعه. وكذا ما يعتبر في تحقق أصل عنوان الفعل من القصد، إذ ليس المراد بأصل الفعل صورته، بل عنوانه، والصلاة بلا قصد صورة صلاة، لا عنوان الصلاة، وكذا قصد النيابة في الفعل الصادر عن النائب، فإن عنوان الفعل النيابي لا يتحقق إلا بقصد النيابة.
والحاصل: أن الإشكال فيما يحرز به أصل وقوع الفعل بعنوانه فتأمل. فيمكن أن يقال: إن المدار في إحرازه على الوثوق، والاطمئنان الذي لا يعتني العقلاء باحتمال خلافه، وينزلونه منزلة العدم، وهو حجة منجعلة بنفسه، بل وجه كون العلم حجة بنفسه إنما هو من جهة الوثوق والاطمئنان، ولو [كان] فرق بين العلم وبينه، من جهة أن احتمال الخلاف منسد في العلم تكوينيا، ولكن فيه موجود، إلا أنه من جهة عدم الاعتناء بهذا الاحتمال صار كالعلم، لأن وجود الاحتمال الذي لا يعتنى به كالعدم، فلو كان على الوثوق والاطمئنان فهو لا يختص بباب دون باب، بل يجري في تمام الأبواب.
ويمكن أن يقال: إن المدار في إحرازه على قاعدة الائتمان، وكبرى قاعدة الائتمان مسلمة مستفادة من الأخبار المتفرقة، كما تظهر بالمراجعة، وحاصلها أن