وسائر أحكامه.
فتحصل من جميع ما ذكرنا: أن شيئا من الأصول والاستصحابات الموضوعية والحكمية الجارية في مورد أصالة الصحة وقاعدة الفراغ لا يتعارض معهما، لأنهما مجعولتان في مورد هذه الأصول فلو لم تكونا متقدمتين عليها لزم أن تبقيا بلا مورد أو قليل المورد كما لا يخفى. فما يظهر من المحكي عن كلام [بعض] في بعض المسائل المتعلقة بهذا المقام من جعل بعض الأصول الموضوعية كأصالة عدم البلوغ محلا لاضطراب كلمات المحققين، كالفاضلين والمحقق الثاني وغيرهم في تقديمه على أصالة الصحة، أو تقديم أصالة الصحة عليه، لو تنازعا في الصحة والفساد من جهة البلوغ وعدمه، فالظاهر أنه ليس من جهة الاختلاف في أن أصالة الصحة هل هي مقدمة على الأصل الموضوعي أو الأمر بالعكس، وإلا لو كان من هذا الجهة لابد أن يجري هذا الخلاف والنزاع فيما لو لم يكن تنازع في البين، بأن شك شخص في أن هذا العقد الصادر منه هل صدر منه في حال البلوغ أم لا، والحال أنه لا أظن أن يكون هذا محلا للخلاف في تقديم أصالة الصحة على الأصل الموضوعي بل الظاهر إن هذا الاختلاف والاضطراب من جهة نزاع صغروي، وهو أن المدعي هل هو الذي قوله يخالف الأصل بحسب تحرير الدعوى، أو بحسب النتيجة، فإن قلنا: بالأول فيقدم قول المشتري فيما اختلفا، في البلوغ، وعدم البلوغ - فقال البايع للمشتري - مثلا - إنك كنت بالغا حين البيع وأنكر المشتري ذلك - لأن قول المشتري مطابق للأصل وقول البائع مخالف له، وإن قلنا بالثاني فيصير الأمر بالعكس، لأن نتيجة هذا النزاع هو النزاع في صحة العقد وفساده، ولا شك في أنه بحسب النتيجة قول البائع مطابق للأصل، أي أصالة الصحة، وقول المشتري مخالف، فمن جعل المناط في تشخيص المدعي والمنكر عل مطابقة قوله للأصل ومخالفته له، بحسب تحرير أصل الدعوى، وما جعل مطرحا للنزاع، فلابد من تقديم قول من ينكر البلوغ، وهو المشتري في المثال المذكور لأنه منكر وطرف مقابله مدعي، لامن جهة تقديم الأصل الموضوعي