مطلقا، فمن جهة الورود وارتفاع الشك الذي هو موضوع الأصل بنفس التعبد بالأمارة وجعلها حجة، وإذا لم يكن تعارض بين الحاكم والمحكوم، فبين الوارد والمورود بطريق أولى، إذ الحاكم يرفع حكم المحكوم بالتعبد، والوارد يرفع موضوع المورود بالتعبد، وبنفس دليليته واعتباره، وأولى منه ما إذا كان رافعا له بصرف وجوده، مع قطع النظر عن دليليته، كما إذا كان حكم الأصل معلقا على الظن بالوفاق، أو على عدم الظن بالخلاف، وأفادت الأمارة الظن على خلافه، إذ ما كان رافعا لموضوع الآخر بصرف وجوده أولى بعدم التعارض، مما إذا كان رافعا له بدليليته، كما أن ما كان رافعا له بدليليته أولى بعدم التعارض، مما إذا كان رافعا لحكمه مع بقاء موضوعه، وكما لا تعارض بين الحاكم والمحكوم، والوارد والمورود، كذلك لا تعارض بين الدليلين إذا كان أحدهما قرينة على التصرف في الآخر بنظر العرف، بحيث لا يبقى لهم تحير لو ألقينا إليهم بحسب ما ارتكز في أذهانهم، من قرينية أحدهما للآخر في المحاورات العرفية، كالنص والظاهر أو الظاهر والأظهر، كالعام والخاص، والمطلق والمقيد، وأمثالهما، مما يكون أحد الدليلين ظاهرا والآخر نصا أو أظهر، فانهم لا يرونهما بحسب الدلالة ومقام الإثبات متنافيين، بل يتصرفون في الظاهر بواسطة النص أو الأظهر، فإنه إذا ورد أكرم العلماء ولا تكرم فساقهم لا يبقى أهل العرف متحيرين في العمل بهما، بل يجمعون بينهما، بأن مراد المتكلم من العام من عدى الخاص، ويجعلون الخاص قرينة على التصرف في العام، وهكذا في المطلق والمقيد.
والحاصل: أنه لا تعارض بين الدليلين إذا كان أحدهما قرينة على التصرف في الآخر، بحسب ما ارتكز في أذهان أهل العرف من الجمع بينهما بالتصرف في أحدهما، والتعارض المترائي بينهما بدوي يزول بالتأمل والالتفات. فكل دليلين يوفق العرف بينهما بحسب مرتكزهم فلا تعارض بينهما، ومصداقه منحصر عند الشيخ على ما حكي عنه بالنص والظاهر أو الظاهر والأظهر، كالعام والخاص، والمطلق والمقيد، حيث إن النص والأظهر عندهم قرينة على التصرف في الظاهر، وأن المراد منه ما عدى مورد النص أو الأظهر، ولكن يمكن أن يكون الظاهر، أن