عمل وفوض اليه ذلك العمل فلابد أن لا يتهمه، كما لو وكل غيره في تأدية الحقوق الواجبة عليه من الزكوات والأخماس والديون، أو في إيقاع عقد أو طلاق أو تطهير وأمثالها، فإنه بمقتضى تلك القاعدة يحكم بصدور هذه الأعمال منه بعد مضي زمان يمكن صدورها منه عادة، بعد التوكيل والتفويض وإن لم يسأل منه ولم يخبر بإيقاعها، ولا إشكال في أن الأجير أمين، فيجب أن لا يتهمه المستأجر، ويحكم بصدور الفعل الذي استؤجر عليه، ولو لم يخبر بوقوعه، فلا يختص ذلك بما إذا كان النائب عادلا أو ثقة، لعموم تلك القاعدة، إلا أن يدعى أن هذه القاعدة مفادها عدم اتهام الأمين، والفاسق ليس قابلا للأمانة، فمقتضى القاعدة عدم اتهام من كان قابلا للأمانة، وهو ليس إلا العدل أو الثقة، فيخرج غيرهما عن موضوع الأمين، وينحصر موضوعه بهما.
وإن كان ما يحرز به أصل وقوع الفعل هو الاطمئنان بصدوره، كما لا يبعد، فلا فرق بين الصلاة على الميت وعن الميت، كما لافرق في الصلاة عن الميت بين كون النائب عدلا أو ثقة وبين غيرهما بل المدار على الاطمئنان بصدور الفعل منه ولو كان فاسقا.
فتحصل: أنه كما لابد في إجراء أصالة الصحة وقاعدة الفراغ بالنسبة إلى فعل نفسه من إحراز أصل وقوع الفعل، إما بالوجدان أو بحجة شرعية من أمارة أو أصل، كما لو شك في وقوعه وعدمه بعد الوقت، فإنه يبني على وقوعه من جهة أصالة الوقوع ودخول الحائل، كذلك لابد في إجراء أصالة الصحة بالنسبة إلى فعل غيره من إحراز أصل وقوع الفعل منه، لأن موضوع قاعدة الفراغ وأصالة الصحة اللتين مقتضاهما حمل فعل نفسه أو غيره على الصحة عند الشك في صحته وفساده هو الفعل الصادر، فإذا لم تحرز الفعل الصادر فلا موضوع لهما، فإذا كان الفعل الصادر صحيحا من شخص أثر بالنسبة إلى شخص آخر، كما لو صلى شخص على الميت أو عن الميت، فإنه لو كانت صلاته صحيحة ترتب عليها الأثر، وهو سقوط الصلاة على الميت عن الغير أو إبراء ذمة الولي أو الوصي عن التكليف