الأمين لا يتهم. وإنما الكلام في صغرى تلك القاعدة وأن كل مسلم أهل وقابل لأن يؤتمن، كما قيل، أو احتمل، أو أنه لابد من كونه ثقة، كما قيل، أو عدلا كما يحتمل أن يكون هو المشهور حيث اعتبروا في النائب العدالة، فاعتبار العدالة فيه إنما هو من جهة أن يتحقق موضوع الأمين، وبعد تحقق موضوعه لابد من عدم اتهامه، فليس اعتبار العدالة من جهة وجوب تصديق قوله بوقوع الفعل منه عند إخباره، إذ يرد عليه ما ذكرنا سابقا، بل من جهة تحقق موضوع الأمين، فلو كان المدار على هذا فلا يجري الا في باب الوكالات، والتفويضات، والإجارة، وأما في باب الواجبات الكفائية التي لا تكون في البين ائتمان، كالصلاة على الميت، فإن المصلي ليس وكيلا، وأمينا عن غيره، وإن كان لفعله أثر بالنسبة اليه، وهو سقوط التكليف عنه فلا تجري، ولا يمكن إحراز الفعل بقاعدة الائتمان فلابد من إحرازه إما بالوثوق والاطمئنان، أو بظاهر حال المسلم وإلا فإحرازه مشكل. فتأمل.
ثم إنه قد اختلف في تولية توضي العاجز وتغسيله في أنها من باب النيابة، أو الإعانة، فإن كانت من باب النيابة، وشك العاجز في صحة هذا الوضوء، أو الغسل في الأثناء، أو بعد الفراغ، يمكن له الحمل على الصحة، كما في سائر الأعمال الصادرة عن النائب، وإن كانت من باب الإعانة، وشك في صحته وفساده فإن كان في الأثناء فلابد من الاستئناف، كما لو صدر عنه الوضوء، أو الغسل مباشرة أو بإعانة غير ذي شعور، وشك في الصحة والفساد في الأثناء، وإن كان بعد الفراغ فتجري قاعدة [الفراغ]. ويتفرع على هذين القولين أو الاحتمالين تصدى النية، فإن قلنا: بالأول فلابد من نية الموضي، وإن قلنا: بالثاني فلابد من نية العاجز، والحق هو القول الثاني، واعتبار نية العاجز، والأحوط اعتبار نية كليهما، من جهة احتمال كونها من باب النيابة، كما نسب إلى بعض.
وأما غسل الميت فليس من هذا القبيل، بل هو فعل مباشري من الغسال ويجب عليه النية، ولو شك في صحته وفساده فيرجع إلى اصالة الصحة، سواء كان الشك في الأثناء، أو بعد الفراغ، كما يرجع إلى أصالة الصحة بالنسبة إلى صلاته