شيء ونجاسته واقعا مع كون حالته السابقة هي الطهارة، فمعنى إلقاء احتمال خلافه هو إلقاء احتمال عدم كونه طاهرا ظاهرا، عند الشك في طهارته ونجاسته، مع كون حالته السابقة هي الطهارة، ومعنى إلقاء هذا الاحتمال إلقاء حكمه، وهو أن لا يكون مشكوك الطهارة والنجاسة، مع كون حالته السابقة هي الطهارة حكمه الطهارة، فإلقاء احتمال الخلاف في طرف الأصل لا يرفع الحكم المجعول بالأمارة بخلاف العكس.
والحاصل: أن إلقاء احتمال الخلاف في طرف الأمارة، والبناء على نجاسة ما قامت الأمارة على نجاسته واقعا، يصادم إلقاء احتمال الخلاف في طرف الأصل، وأما إلقاء احتمال الخلاف في طرف الأصل فهو لا يصادم إلقاء احتمال الخلاف في طرف الأمارة، وبعبارة أخرى البناء على نجاسة الشيء واقعا بمقتضى الأمارة ينافي البناء على طهارته الظاهرية المجعولة عند الشك في الطهارة والنجاسة، وأما البناء على طهارته الظاهرية عند الشك بمقتضى الأصل فلا ينافي النجاسة الواقعية التي هو مؤدى الأمارة، نعم لو ورد دليل كان مؤداه هو عدم البناء على طهارة الشيء عند الشك في طهارته ونجاسته، مع كون حالته السابقة هي الطهارة، لكان منافيا لدليل الأصل وهو " لا تنقض اليقين بالشك " ومعارضا له، ولابد حينئذ من معاملة المتعارضين معهما، وأما بناء على مختار صاحب الكفاية:
من عدم تمامية الحكومة إذ ليس معنى التعبد بالأمارة إلقاء احتمال خلافها، حتى تتم الحكومة بالبيان المتقدم، بل معنى التعبد بها حجيتها، ولزوم العمل على طبقها شرعا، المنافي عقلا للزوم العمل على خلافها، وهو مقتضى الأصل، مع احتمال أن يقال: إنه ليس قضية الحجية شرعا إلا لزوم العمل على وفق الحجة عقلا وتنجز الواقع مع المصادفة، وعدم تنجزه مع المخالفة، وكيف كان ليس مفاد دليل اعتبار الأمارة هو إلقاء احتمال الخلاف تعبدا، حتى يكون ناظرا بمدلوله اللفظي إلى دليل الأصل، ومبينا لكمية مدلوله وشارحا له، مع أنه لو كان مفاده إلقاء احتمال الخلاف، أعني حكم احتمال الخلاف وهو حكم الأصل لاختص بالأصل المخالف، وأما الأصل الموافق فحكمه ليس حكم احتمال خلاف الأمارة فلا تتم الحكومة