زمان المتأخر إذا لم يقطع بارتفاعه على تقدير حدوثه فيه، لا الآثار المترتبة على حدوثه فيه، وذلك كما لو شك بين الاثنين والثلاث قبل إكمال السجدتين فإنه لو رفع رأسه من السجدة يكون شاكا بين الاثنين والثلاث بعد الإكمال لو كان المدار على مطلق وجود الشك بينهما في الأحكام المترتبة على الشك بين الاثنين والثلاث بعد الإكمال، إلا أنه لما كان المدار في ترتب تلك الأحكام على حدوث الشك بعد الإكمال لا مطلق وجوده ولو كان حدوثه قبل الإكمال، وببقائه ورفع الرأس من السجدة على حال الشك صار شكا بينهما بعد الإكمال، لا يترتب عليه أحكام الشك بين الاثنين والثلاث بعد الإكمال، بل تترتب عليه أحكام الشك بين الاثنين والثلاث قبل الإكمال، لأن حدوث هذا الشك كان قبل الإكمال والمدار في باب الشكوك على حدوث الشك لا مطلق وجوده كما أوضح من أن يخفى.
هذا تمام الكلام فيما إذا لوحظ الشك في التقدم والتأخر بالنسبة إلى أجزاء الزمان، وأما إذا لوحظ الشك في التقدم والتأخر بالنسبة إلى حادث آخر، ففي الحادثين اللذين يمكن حدوثهما معا الأقسام المتصورة ثلاثة، لأنه إما أن يكون هذا متقدما على الآخر، أو بالعكس، أو كلاهما متقارنان في الوجود، كالمثل المعروف وهو موت زيد وإسلام وارثه، حيث يحتمل تقدم كل منهما على الآخر وتقارنهما، وأما في الحادثين اللذين لا يمكن اجتماعهما في الحدوث كالطهارة والحدث فلا يتصور إلا قسمين تقدم أحدهما على الآخر وبالعكس، وعلى كل حال، فالأثر الشرعي إن كان مترتبا على تقدم أحدهما على نحو - كان التامة - لا على تقارنه أو تأخره، ولا على تقدم الآخر أو تقارنه أو تأخره، بحيث كان إجراء الاستصحاب فيه بلا معارض، فلا مانع من إجرائه، لشمول دليل الاستصحاب له وعدم شموله لما لا أثر له، لأن التعبد إنما هو بلحاظ الأثر وما لا أثر له لا معنى للتعبد ببقائه فعلى هذا يكون استصحاب عدم التقدم كاستصحاب عدم البياض أو السواد أو الكر، حيث يكون الأثر مترتبا عليها بنحو - كان التامة - لا بنحو - كان الناقصة - ولا مانع منه، وأما إن كان الأثر مترتبا على تقدمه وتقارنه وتأخره أو