الأصول الخمسة الاعتقادية، بناء على أن النبوة منصب جعلي الهي، وأما بناء على أنها عبارة عن كمال النفس فلا يكون قابلة للزوال إلا على الاحتمال المذكور في السابق، وفي هذا القسم يجري الاستصحاب الموضوعي، لتحقق أركانه - وهو اليقين بالحدوث والشك في البقاء -.
أما بالنسبة إلى النبوة فمن جهة عدم الفرق بين حياة النبي وموته ما دامت نبوته باقية يجري الاستصحاب الموضوعي، إذا كان الشك في بقاء النبوة، من جهة احتمال عزله ونسخ شريعته، وأما استصحاب حياته فمن جهة عدم الفرق بين حياة النبي وموته ما دامت شريعته باقية، وعدم ترتب الأثر على حياته من حيث النبوة، وإن كان لها الأثر من جهات أخر، والحال أن الاستصحاب إنما يجري بلحاظ الأثر فلا يجري، وأما بالنسبة إلى الإمامة فيجري الاستصحاب الموضوعي لو كان الشك في بقاء إمامته، من جهة احتمال عزله، وكذا استصحاب حياته لو كان لحياته أثر كبقاء وكلائه على الوكالة، وكعدم وجوب معرفة الإمام اللاحق، ولا يخفى أن الاستصحاب لما كان جريانه بلحاظ الأثر فيجري فيما إذا كان الأثر مترتبا على وجود واقعي المستصحب، وأما إذا كان الأثر مترتبا على العلم به، كما إذا كان وجوب الاعتقاد بالنبي أو الإمام مثلا مترتبا على العلم بنبوة شخص أو إمامته فلا يجري الاستصحاب، لعدم الأثر له إلا إذا كان اعتبار العلم من حيث الطريقية.
والحاصل: أن استصحاب نفس النبوة لا مانع منه، إذا قلنا: بأنها من المناصب المجعولة الالهية كالولاية، فيترتب عليها آثارها، ولو كانت عقلية، لما عرفت من أن الآثار المترتبة على الاستصحاب لا فرق فيها بين الآثار الشرعية والعقلية، وإنما الفرق بين الآثار الشرعية والعقلية إنما هو بالنسبة إلى المستصحب لو كان دليل حجية الاستصحاب غير منوط بالنبوة، بأن كانت حجية الاستصحاب من باب حكم العقل وبناء العقلاء مع عدم احتمال الردع، لامن باب التعبد، وإلا يلزم الدور، لأن التعبد بقوله فرع نبوته، فلا يمكن إثبات نبوته بقوله، هذا بالنسبة إلى