عن ابقاء المتيقن السابق في زمان الشك، والمتيقن السابق لم يكن إلا الحكم لهذا الموضوع، فلابد من بقاء الموضوع بهذا المعنى حتى يصدق البقاء، وهذا أمر واضح لا حاجة إلى تكلف الاستدلال: بأنه لو لم يكن الموضوع باقيا يلزم بقاء العرض بلا موضوع، وانتقال العرض من موضوع إلى موضوع آخر، كما صدر عن الشيخ (قدس سره) مع أن هذا الاستدلال ليس بتام، لأن استحالة بقاء العرض بلا موضوع وانتقاله من موضوع إلى موضوع آخر حقيقة لا تستلزم استحالتهما تعبدا فتدبر.
وأما بمعنى إحراز الموضوع خارجا فلابد يعتبر في تحقق الاستصحاب وجريانه قطعا، لتحقق أركانه بدونه.
نعم، ربما يكون مما لابد منه في ترتيب بعض الآثار، ففي استصحاب عدالة زيد لا يحتاج إلى إحراز حياته لجواز تقليده، وإن كان محتاجا اليه في جواز الاقتداء به، أو وجوب إكرامه، أو الإنفاق عليه، فإذا كان زيد مجتهدا حيا عادلا جائر التقليد والاقتداء أو واجب الإكرام والإنفاق، فإن كان الشك في جواز التقليد من جهة الشك في بقاء عدالته وعدمه فهنا يجوز استصحاب عدالته، وترتيب هذا الأثر عليه ولو لم يحرز وجوده وحياته خارجا، لأن هذا الحكم لا يتوقف على حياته. وأما إذا شك في جواز الاقتداء به من جهة الشك في عدالته وعدمه، فهنا لا يجوز استصحاب عدالته لترتيب أثر جواز الاقتداء أو وجوب الإنفاق والإكرام، لأن هذه الاحكام تتوقف على حياته ووجوده خارجا فتأمل.
والحاصل: أنة لابد في جريان الاستصحاب من اتحاد القضية المتيقنة مع القضية المشكوكة، وإلا لكان إسراء للحكم من موضوع إلى موضوع آخر، ولم يصدق لا تنقض اليقين بالشك، واتحادهما لا يمكن إلا بأن يكون معروض المستصحب بتمام ماله دخل في الحكم من الخصوصيات بنظر الحاكم باقيا في الزمان الثاني من جميع الجهات، وكان التفاوت والاختلاف بين الزمان الأول وهو زمان اليقين وزمان الثاني وهو زمان الشك بمجرد تبدل الزمان لا سائر الخصوصيات، والموضوع بهذا المعنى يختلف باختلاف المستصحب، ففيما إذا