إذا عرفت هذا فاعلم أن ظاهر السؤال في هذه الرواية الشريفة أن الشك إنما كان في رافعية الموجود، وذلك لأن السائل إنما سأل عن الخفقة والخفقتين المتحققتين في الخارج أنهما من مصاديق النوم أم لا، إلا أن جواب الإمام (عليه السلام) بأنه " لا حتى يستيقن أنه قد نام " ظاهر في أن الشك إنما كان في وجود الرافع، وإلا كان المناسب أن يقول: إنهما نوم، أو ليستا بنوم، كما إذا سئل عن الرطوبة المشتبهة أنها بول أو ليست ببول لابد أن يجاب بأنها بول أو ليست ببول، فلو كان مورده الشك في رافعية الموجود فلابد من شمول " لا تنقض اليقين بالشك " له وإن لم تشمله القضية اللفظية من جهة عدم جواز تخصيص المورد وخروجه عن الحكم.
فتحصل: أن الكلام في هذه الرواية الشريفة في جهات:
الأولى: من حيث سندها، وقد عرفت أنها صحيحة بحسب السند، ولا يضر إضمارها باعتبارها إذا كان المضمر من أمثال زرارة ممن لا يستفتون غير الإمام (عليه السلام) لجلالة شأنهم عن أن يسألوا غيره، سيما مع هذا الاهتمام.
الثانية: في أنها من الأخبار العامة أو من الأخبار الخاصة الدالة على حجية الاستصحاب في خصوص باب الوضوء، وقد عرفت أنها من الأخبار العامة بالتقريب المذكور.
الثالثة: في أنها تختص بالشك في الرافع أو تعم الشك في المقتضي أيضا، وقد عرفت أنها بناء على احدى العنايتين اللتين ذكرناهما مختصة بالشك في الرافع، وعلى الأخرى تعم الشك في المقتضي أيضا.
الرابعة: في أنها هل تختص بالشك في وجود الرافع أو تعم الشك في رافعية الموجود، وقد عرفت أن الظاهر من كلام السائل هو الشك في رافعيته، ولكن الظاهر من كلام الإمام (عليه السلام) في مقام الجواب هو الشك في وجود الرافع، فتأمل.
ثم إنه قد تقدم أن دليل الاستصحاب إن كان بناء العقلاء، أو الإجماع فالقدر المتيقن منه ما إذا كان الشك في وجود الرافع والمزيل، وأما في غيره فلم يعلم منهم