ويمكن أن تكون تلك العناية هي أن الشيء الذي تحقق في الخارج وصار حدوثه ووجوده يقينا وتعلق الشك ببقائه فمتعلق الشك واليقين وإن كان مختلفا حقيقة إلا أنه يمكن اجتماعهما وتحقق الناقضية والمنقوضية، من جهة أن المتيقن السابق في حال الشك أيضا متيقن من حيث نفسه، وإن كان مشكوكا من جهة طرو الطوارىء والعوارض.
والحاصل: أنه يمكن أن تكون العناية موجبة لاجتماع الشك واليقين وتواردهما على محل واحد المصححة لصدق الناقضية والمنقوضية حتى يشمله النهي عن نقض اليقين بالشك هي أن الشيء المتيقن السابق في حال الشك من حيث نفسه يقيني من تلك الحيثية وإن كان مشكوكا من حيثية أخرى، فبهذا الاعتبار يكون متعلقهما شيئا واحدا ويشمله النهي عن نقض اليقين بالشك، فإن كانت العناية الموجبة لاجتماعهما وتواردهما على محل واحد هي العناية الأولى فتعم الرواية الشك في المقتضي والرافع كليهما، وإن كانت العناية الثانية فتختص بالشك في الرافع، فتأمل.
ثم إن هذه الرواية على تقدير كونها مختصة بالشك في الرافع فهل تختص بالشك في وجود الرافع أو تعم رافعيته؟ فمرجع الشك في رافعية الموجود إلى هذا الموجود الخارجي الخاص هل هو داخل في هذا العنوان المعلوم كونه رافعا، أو داخل في العنوان المعلوم عدم كونه رافعا، كالرطوبة المشتبهة الخارجة من الانسان المرددة بين كونها بولا أو مذيا مثلا؟ ومرجع الشك في وجوده إلى أن هذا العنوان المعلوم كونه رافعا هل وجد في الخارج وتحقق أو لا؟ فلابد في كون الشك شكا في رافعية الموجود من تحقق مصداق يمكن أن يكون معنونا بهذا العنوان أو بذاك، فإن كان معنونا بهذا العنوان فيكون رافعا يقينا، وذلك كالرطوبة الخارجة القابلة لأن تكون معنونة بالبولية التي هي رافعة يقينا والمذيية التي هي غير رافعة يقينا بخلاف الشك في وجود الرافع، فإن الشك فيه إنما يكون في تحقق ما هو رافعا يقينا.