وبالجملة لا يكاد يشك في ظهور القضية في عموم اليقين والشك خصوصا بعد ملاحظة تطبيق هذه القضية في الأخبار على غير الوضوء، فظهر أن هذه الرواية من الأخبار العامة الدالة على حجية الاستصحاب لامن الأخبار الخاصة.
ثم إن الكلام في أن هذه الرواية هل تختص بالشك في الرافع أم تعم الشك في المقتضي أيضا؟
وما قيل في وجه تخصيصها بالشك في الرافع وهو أن النقض معناه الحقيقي لما كان عبارة عن حل الأمر المبرم المستحكم كما في قوله: ﴿نقضت غزلها﴾ (1) وهو متعذر هنا، وإذا تعذرت الحقيقة فأقرب المجازات أولى، بمعنى أنه لا يحتاج إلى قرينة معينة من بين المجازات بعد القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقي، ولا شك أن الأمر الذي فيه مقتضي الدوام والاستمرار لولا الرافع أقرب إلى المعنى الحقيقي - وهو الأمر المبرم المستحكم - مما ليس [فيه] مقتضي الدوام والاستمرار بل كان الشك في بقائه من جهة الشك في اقتضائه من أول الأمر، فمن جهة ظهور الفعل وهو قوله: " لا تنقض (2) " في هذا المعنى المجازي الذي هو أقرب المجازات يرفع اليد عن ظهور المتعلق وهو اليقين في العموم أي مطلق اليقين بشيء، سواء كان فيه مقتضي الدوام والثبات أم لا، ويخصص بما فيه مقتضي الدوام والثبات كما يرفع اليد عن عموم أحد في قوله: " لا يضرب [أحدا] " عن شموله للأحياء والأموات ويخصص بالأحياء من خصوصية الفعل وهو " لا تضرب " وظهوره في الضرب المؤلم.
فممنوع من جهة أن اليقين لما كان أمرا مبرما مستحكما يصح إسناد النقض إليه، سواء كان متعلقه مما يقتضي الدوام والاستمرار أم لا، وإن لم يصح إسناد النقض إلى ما ليس فيه مقتضي الدوام بعنوان آخر لا يكون فيه إبرام واستحكام كالظن مثلا كما في مثل " أنشبت أظفارها " حيث يصح إسناد " أنشبت " إلى