وأما الشك في رافعية الموجود من جهة الشبهة الحكمية كالشك في أن المذي هل جعله الشارع ناقضا مستقلا في عرض سائر النواقض أم لا، وكذا من جهة الشبهة المفهومية كالشك في أن النوم مثلا هل يتحقق بالخفقة أو الخفقتين، أم لا؟
فليس إلا من جهة الشك في الحكم الكلي، فإن قلنا بجريانه فيجري فيهما، وإلا فلا.
وأما الشك في رافعية الموجود من جهة الشبهة المصداقية كالشك في أن هذه الرطوبة مثلا بول حتى تكون رافعة للطهارة، أو مذي حتى لا تكون رافعة لها، فمرجعه إلى الشك في وجود الرافع، وقد تبين حكمه، فتأمل. هذا بالنسبة إلى الموضوعات.
وأما بالنسبة إلى الأحكام فكالشك في أن هذا الدليل الخاص ناسخ، أو مخصص، وقد تقدم البحث عنه في مباحث العام والخاص، فراجع.
وإذا عرفت أن جريان الاستصحاب في صورة الشك في رافعية الموجود من جهة الشبهة الحكمية والمفهومية بالنسبة إلى المصاديق الجزئية الخارجية تابع لجريانه في الحكم الكلي، إذ منشأ الشك فيها إنما هو الشك في الحكم الكلي، وإلا لو كان الحكم الكلي معلوما بدليل اجتهادي أو أصل عملي لما كان شك بالنسبة إلى الجزئيات المتحققه المصداقية، إذ بعد العلم بأن المذي جعله الشارع غير ناقض للوضوء لاشك في بقاء هذا الوضوء الخاص الخارج بعده المذي، لأن اليقين بالحكم الكلي يقين بالنسبة إلى جزئياته، كما أن الشك فيه شك في جزئياته فلابد من بيان أن الاستصحاب هل يجري في الأحكام الكلية، أم لا؟
فنقول: لا إشكال في أن الحكم الكلي الذي جعله الشارع يحكم ببقائه ما لم يتحقق ما جعله الشارع مزيلا له، فإذا قلنا بحجية الاستصحاب مطلقا سواءا كان الشك فيه من جهة الشك في المقتضي، أو من جهة الشك في وجود الرافع، أو رافعية الموجود فيجري الاستصحاب في الأحكام الكلية مطلقا عند الشك مطلقا، وإن قلنا بحجيته في بعض الصور هذه فكذلك في الأحكام الكلية أيضا.