الظن بالواقع، أو بالطريق، أو بهما؟ أقوال والحق هو الأخير، وذلك لأن هم العقل - على كل حال - هو تحصيل الأمن من العقوبة على مخالفة التكاليف المعلومة، وهو كما يحصل بالإتيان بالواقع أو بمؤدى الطريق عند انفتاح باب العلم كذلك يحصل بالإتيان بما هو الواقع ظنا، أو أنه مؤدى الطريق ظنيا عند الانسداد، إذ العقل مستقل بأن ما هو المؤمن حال الانفتاح الظن به مؤمن حال الانسداد، والمؤمن حال الانفتاح أعم من إتيان الواقع وإتيان مؤدى الطريق، فكذلك حال الانسداد المؤمن أعم من إتيان الواقع المظنون أو مؤدى الطريق المظنون.
ولا وجه لتوهم الاختصاص بالظن بالواقع إلا توهم أن قضية اختصاص المقدمات بالفروع، لعدم انسداد باب العلم في الأصول وعدم إلجاء في التنزل إلى الظن فيها، والغفلة عن أن جريانها في الفروع موجب لكفاية الظن بالطريق في مقام تحصيل الأمن من العقوبة وإن كان باب العلم في غالب الأصول مفتوحا، وذلك لعدم التفاوت في نظر العقل بين الظن بالواقع والظن بالطريق في تحصيل الأمن من العقاب عند الانسداد، كما لافرق بين العلم بإتيان الواقع وبين العلم بإتيان مؤدى الطريق عند الانفتاح.
كما أن منشأ توهم الاختصاص بالظن بالطريق وجهان:
أحدهما: ما أفاده بعض الفحول (1)، وتبعه صاحب الفصول (2) قال فيها: إنا كما نقطع بانا مكلفون في زماننا هذا تكليفا فعليا بأحكام فرعية كثيرة لا سبيل لنا بحكم العيان وشهادة الوجدان إلى تحصيل كثير منها بالقطع ولا بطريق معين يقطع من السمع بحكم الشارع بقيامه، أو قيام طريقه مقام القطع، ولو عند تعذره كذلك نقطع بأن الشارع قد جعل لنا إلى تلك الأحكام طرقا مخصوصة وكلفنا تكليفا فعليا بالرجوع إليها في معرفتها، ومرجع هذين القطعين عند التحقيق إلى أمر واحد وهو