بحكمه بتفريغ ذمتنا عما كلفنا به وسقوط التكليف عنا، سواء حصل العلم معه بأداء الواقع أو لا، حسبما مر تفصيل القول فيه، فحينئذ نقول: إن صح لنا تحصيل العلم بتفريغ ذمتنا في حكم الشارع فلا إشكال في وجوبه وحصول البراءة به، وإن انسد علينا سبيل العلم كان الواجب علينا تحصيل الظن بالبراءة في حكمه، إذ هو الأقرب إلى العلم به فيتعين الأخذ به عند التنزل من العلم في حكم العقل بعد انسداد سبيل العلم والقطع ببقاء التكليف دون ما يحصل معه الظن بأداء الواقع كما يدعيه القائل بأصالة حجية الظن (1). انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه.
وحاصله: أنه بعد الفراغ عن ثبوت تكليفنا بالأحكام الشرعية وعدم سقوطه عنا يجب علينا تحصيل العلم بما حكم الشارع بكونه مفرغا، ففي صورة انفتاح باب العلم بالواقع أو بالطريق لا إشكال في حصول تفريغ ذمتنا بإتيان كل من الواقع ومؤدى الطريق في حكم المكلف، لأن الإتيان بالواقع إتيان بمؤدى طريق منجعل، والإتيان بمؤدى الطريق إتيان بمؤدى الطريق المجعول، فلا فرق بينهما في هذه الصورة في حصول التفريغ بحكم الشارع، وأما في صورة الانسداد كان الواجب علينا تحصيل الظن بالبراءة في حكمه والإتيان بمؤدى ما ظن كونه طريقا موجوب للظن بحكم الشارع بتفريغ الذمة به بخلاف الإتيان بما ظن أنه الواقع، فإنه ليس كذلك.
ولكن فيه: أولا: أن الحاكم بالاستقلال في باب تفريغ الذمة بالإطاعة والامتثال إنما هو العقل وليس للشارع في هذا الباب حكم مولوي، ولو حكم كان إرشادا إلى حكم العقل، وقد عرفت استقلاله بأن إتيان الواقع ومؤدى الطريق موجبان لتفريغ الذمة بحكم العقل عند الانفتاح والتمكن من تحصيل العلم بهما، وأن المؤمن في حال الانسداد هو الظن بما كان القطع به مؤمنا حال الانفتاح، فإذا كان إتيان الواقع المقطوع أو مؤدى الطريق المقطوع مؤمنا في حال الانفتاح كان إتيان