القطع بأنا مكلفون تكليفا فعليا بالعمل بمؤدى طرق مخصوصة، وحيث إنه لا سبيل غالبا إلى تعينها بالقطع ولا بطريق يقطع من السمع بقيامه بالخصوص أو قيام طريقه كذلك ولو بعد تعذره. فلا ريب أن الوظيفة في مثل ذلك. بحكم العقل هو الرجوع في تعيين تلك الطرق إلى الظن الفعلي الذي لا دليل على عدم حجيته، لأنه أقرب إلى العلم والى إصابة الواقع مما عداه.
وقد أورد عليه اولا: بإمكان منع نصب الشارع طرقا خاصة لأحكامه الواقعية، بل أرجعهم وأوكلهم إلى طريقة العقلاء في امتثال أحكام الملوك والموالي مع العلم بعدم نصب طريق خاص لها، فكما أن طريقة العقلاء في مقام امتثال أحكامهم الظاهرية العرفية هو العلم الحاصل من التواتر أو عمل جماعة من أصحاب من له الحكم، ومع عدم التمكن من العلم هو الظن الاطمئناني الذي يطلق عليه العلم تسامحا، ومع عدم التمكن منه هو الظن الغير الاطمئناني ومع عدم التمكن منه هو الاحتمال. فكذلك في مقام امتثال الأحكام الشرعية الشارع اكتفى منهم بما هو طريقتهم في مقام امتثال أحكامهم العرفية من دون نصب طريق خاص لهم، هذا بالنسبة إلى المجتهد. وأما بالنسبة إلى المقلد فقد عين طريقا خاصا وهو فتوى المجتهد، بل يحتمل أن يقال: إن رجوع المقلد إلى المجتهد من باب الرجوع إلى أهل الخبرة المركوز في أذهان أهل العرف، وما ورد من الشارع في هذا الباب تقرير لما هو المركوز في أذهانهم لا أنه تأسيس منه.
وثانيا: سلمنا نصب الطريق لكن بقاء ذلك الطريق لنا غير معلوم، إذ من المحتمل أن يكون ما حكم بطريقيته قسم من الأخبار الذي ليس بأيدينا اليوم منه إلا قليل كالخبر المفيد للاطمئنان الفعلي بالصدور، أو خبر العادل أو الثقة الثابت عدالته أو وثاقته بالقطع أو بالبينة الشرعية أو الشياع المفيد للظن الفعلي بالحكم.
ولا ريب في قلة هذا القسم من الخبر فيما بأيدينا.
وثالثا: سلمنا نصب الطريق ووجوده فيما بأيدينا من الطرق الظنية من أقسام الخبر والشهرة والإجماع المنقول والاستقراء والأولوية الظنية، لكن اللازم من