ملتفت إليه فعلا أصلا كما هو حال المجتهد في مقام استنباط الأحكام - كما لا يخفى - فلا يكاد يلزم ذلك فإن قضية " لا تنقض " ليس - حينئذ - إلا حرمة النقض إلا في خصوص الطرف المشكوك وليس فيه علم بالانتقاض كي يلزم التناقض في مدلول دليله من شموله.
ومنه انقدح ثبوت حكم العقل وعموم النقل بالنسبة إلى الأصول النافية أيضا، وأنه لا يلزم منه محذور لزوم التناقض من شمول الدليل لها لو لم يكن هناك مانع عقلا أو شرعا من إجرائها، ولا مانع كذلك من اجرائها لو كانت موارد الأصول المثبتة بضميمة ما علم تفصيلا أو نهض عليه علمي بمقدار المعلوم إجمالا، بل بمقدار لا مجال معه لاستكشاف ايجاب الاحتياط وإن لم يكن بذلك المقدار، ومن الواضح أنه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال.
وقد ظهر بذلك أن العلم الإجمالي بالتكاليف ربما ينحل ببركة الأصول المثبتة وتلك الضميمة، فلا موجب للاحتياط - حينئذ - عقلا ولا شرعا أصلا، كما لا يخفى.
كما ظهر أنه لو لم ينحل بذلك كان خصوص موارد الأصول النافية مطلقا ولو من مظنونات التكليف محلا للاحتياط فعلا، ويرفع اليد عنه فيها كلا أو بعضا بمقدار رفع الاختلال أو العسر على ما عرفت لا محتملات التكليف مطلقا. انتهى كلامه في الكفاية (1).
والمتحصل منه هو: أن الرجوع إلى الأصول المثبتة من الاحتياط والاستصحاب المثبت لا مانع منه، ولو قيل بعدم جريان الاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي في غير المقام من الموارد التي يكون الشك فعليا بالنسبة إلى تمام الأطراف، لكون تمام الأطراف ملتفتا إليها، ومع جريان الأصول المثبتة بضميمة ما علم من التكاليف تفصيلا أو قام عليها علمي ينحل العلم الإجمالي بالتكاليف، ولا مانع من الرجوع إلى الأصول النافية من البراءة وغيرها، فلا موجب للاحتياط حينئذ حتى نتنزل بعد إبطاله بلزوم العسر أو اختلال النظام إلى العمل بالظن، وعلى