ولذيذ عند هذا وبشع عند ذاك، وهكذا.
وإن كان له واقع من الحسن والقبح أو اللذة والبشاعة كما هو الظاهر، فلابد له من معيار يميز به الحسن الواقعي عن القبيح الواقعي، وكذلك اللذيذ عن البشيع وهكذا، وهو الرجوع إلى الشخص المعتدل إن كان وإلا فالرجوع إلى الغالب، فإن أدرك الغالب حسنه أو لذته وهكذا فيحكم بأن هذا الشيء متصف بما وافق مذاق الغالب، ومن كان على خلاف الغالب فهو خارج عن الاعتدال إما لعيب فيه، أو لإخفاء بعض مناشىء الحسن أو القبح وأمثالهما عليه.
الرابع:
في صحة استعمال اللفظ وإرادة نوعه ومثله وشخصه.
اعلم أنه كما يتعلق المقاصد والأغراض بغير الألفاظ من الأمور الواقعية من جهة الحكم عليها أو بها كذلك قد تتعلق بالألفاظ كذلك، فإن تعلق الغرض والقصد بغير الألفاظ فيعبر عنه باللفظ في مقام الحكم عليه وبه، وأما إن تعلق الغرض بالألفاظ بأن كان المقصود هو الحكم عليها وبها فلا شيء يعبر به عن الألفاظ فلابد من التعبير بها في مقام الحكم عليها وبها.
والحاصل: أن الألفاظ عبرة إلى الأمور الواقعية في ما كان الحكم عليها وبها، وأما إذا كان الحكم على نفس الألفاظ فلا عبرة غيرها.
وحينئذ الحكم إما أن يتعلق باللفظ بطبيعته السارية في جميع الأنواع والأصناف والأفراد كما في مثل: ضرب فعل ماض فإن الحكم معلق على طبيعة ضرب، أعني ما كان على وزن فعل سواء كان مفردا أو مركبا، وإذا كان مركبا في أي تركيب كان، أو يتعلق الحكم به لا بطبيعته السارية في تمام الأنواع والأفراد، بل بما أنه سار في بعض الأنواع والأصناف كما في قولك: " زيد " في: " ضرب زيد " فاعل فإنه حكم على لفظ بأنه فاعل بما أنه سار في هذا النوع من التركيب، وقد يتعلق الحكم به بما هو عبارة عن شخص آخر من اللفظ مثله كما في قولك: