في المشترك ووحدته هنا، لما مر من أن المشترك أيضا يمكن تصور وحدة الوضع فيه كما مثلنا.
وقيل (1): بأن الوضع في الحروف وما يشابهها عام والموضوع له عام أيضا والمستعمل فيه خاص، فالخصوصية والجزئية المعتبرة في الحروف إنما هي في ناحية المستعمل فيه لا الموضوع له، فالموضوع له فيها أمر كلي كالأسماء والمستعمل فيه هي الجزئيات.
والتزم صاحب الكفاية (2) (قدس سره) بأن الوضع والموضوع له والمستعمل فيه كلها في الحروف كلي كما في الأسماء والخصوصية إنما نشأت من قبل خصوصية الاستعمال، وذلك لأن المفاهيم مختلفة في الاستقلالية وعدم الاستقلالية، فمثل الجواهر وبعض الأعراض كالسواد والبياض وأمثالهما مفاهيم مستقلة غير قابلة للربطية ومثل الفوقية والتحتية وأمثالهما أمور قابلة للنظر الاستقلالي وللنظر الآلي كليهما، كما أن الأجسام الخارجية مختلفة فبعضها لا يقبل لأن ينظر فيها إلا بالنظر الاستقلالي كالأجسام الغير الصيقلية (3) كالحجر والمدر وبعضها قابل لأن ينظر إليها بالنظر الآلي كما أنه قابل لا ن ينظر إليها بالنظر الاستقلالي كالأجسام الصيقلية (4) مثل المرآة.
وإذا عرفت اختلاف المفاهيم بالاستقلالية وعدمها فاعلم أن مثل الابتداء والانتهاء وأمثالهما من المعاني الحرفية الربطية قابلة لأن ينظر إليها بالنظر الاستقلالي ويحكم عليها وبها، ولأن ينظر إليها بالنظر الآلي الحرفي الربطي.
وحينئذ لا يمكن الحكم عليها وبها، بل تكون آلة وحالة لملاحظة الغير، فإذا نظر إليها باللحاظ الأول تكون معان اسمية مستقلة بالمفهومية وإذا نظر إليها باللحاظ الثاني تكون معان حرفية غير مستقلة، فكما لا يمكن النظر إلى المرآة بالنظر الاستقلالي والآلي كليهما بالنظر الواحد كذلك لا يمكن الجمع بين اللحاظين في