وأما في الواجبات المؤقتة المضيقة وفي الواجبات الغير المؤقتة كصلاة الزلزلة وصلاة القضاء فتجب المبادرة، أما في الواجبات المضيقة فلإستفادة الفورية من دليلها، وأما في الواجبات الغير المؤقتة فلحكم العقل بلزوم المبادرة من جهة وجوب دفع الضرر المحتمل.
ولعله من هذه الجهة قال بعض (1) بالمضايقة في قضاء الصلوات وعدم جواز التأخير إلا بالمقدار الضروري من أكل وشرب ونحوهما.
نعم لو كان أصل عقلائي يكون عذرا عند العقل والعقلاء وأخر اعتمادا على ذلك الأصل واتفق عدم تمكنه من الإتيان بالمأمور به في الزمان الثاني وما بعده كان هذا بحكم ترخيص الشارع في التأخير، إذ الغرض أن يكون تأخيره للمأمور به عن أول زمان الإمكان إلى ما بعده مستندا إلى عذر شرعي كترخيص الشارع في التأخير، أو عقلي كأصالة بقاء الحياة في الزمان الثاني وأصالة بقاء القدرة وأصالة عدم المانع وأمثالها وأي واحد من الترخيص الشرعي والأصل العقلائي كان في المقام يرتفع موضوع وجوب دفع الضرر المحتمل، لأنه يكون مؤمنا.
فتحصل: أن الأمر المطلق تجب المبادرة إلى امتثاله بحكم العقل من باب دفع الضرر المحتمل، إلا أن يكون ترخيص من الشارع في تأخيره حتى يكون مؤمنا أو أصل عقلائي كالأصول المذكورة ففي الموارد التي يكون ترخيص شرعي أو أصل عقلائي بحيث لا يعتني العقلاء باحتمال خلافه يجوز التأخير، ولو اتفق عدم تمكنه من إتيانه بعد الزمان الأول يكون معذورا، وأما لو لم يكن ترخيص شرعي في التأخير وصار الأصل العقلائي ضعيفا بحيث يحتمل العقلاء باحتمال خلافه كما في أوقات الأمراض العامة أو في معركة القتال أو في زمان الشيخوخة والهرم ونحوها من الموارد التي صارت الأصول العقلائية ضعيفة بحيث يعتني العقلاء باحتمال خلافها فتجب المبادرة إلى إتيان المأمور به، ولا يجوز تأخيره لحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل، وهو لا يحصل إلا بالمبادرة، والفرض أنه