والحق هو الجواز وإمكان الامتثال بعد الامتثال عقلا وعدم لزوم محذور منه حتى يوجب رفع اليد عن ظاهر دليل يدل على جوازه شرعا كما في الصلاة المعادة جماعة، وأن الله يختار أحبهما إليه بأحد التقريبين.
الأول: هو أن المكلف كما كان مخيرا في مقام الامتثال بإتيان الطبيعة وايجادها في ضمن كل واحد من الأفراد فكذا بعد الاتيان ببعض الأفراد وايجاد الطبيعة في ضمنه هذا التخيير باق أيضا ونتيجة بقائه هو جواز الامتثال بعد الامتثال ورفع اليد عما امتثل به أولا، كما أن نتيجة التخيير بدوا هو جواز الاتيان بما شاء من الأفراد.
فعلى هذا لو امتثل المكلف الأمر المتعلق بايجاد الطبيعة بإتيان فرد منها ثم أراد أن يبدل امتثاله بامتثال آخر باتيان فرد آخر من الفرد الأول، بل مطلقا كان له ذلك إذا لم يكن ايجاد الطبيعة في ضمن الفرد الأول علة تامة لحصول الغرض، كما لو أمر المولى بإتيان الماء لأن يتوضأ فأحضر العبد ماء عنده فيجوز له قبل أن يتوضأ أن يرفع هذا الماء من عنده ويأتي بماء آخر أحسن منه أو مساو له، كما يحتمل أن تكون الأوامر الشرعية كلها من هذا القبيل، إذ لا نعلم أن ايجاد متعلقاتها علة تامة لحصول الغرض بحيث لم يكن موقع لتبديل الامتثال بامتثال آخر، فتدبر.
وبناء على هذا التقريب يأتي بالفرد الثاني بداعي الوجوب أيضا كما أتى بالفرد الأول، لأنه رفع اليد عن الامتثال الأول فصار كاختياره هذا الفرد من أول الأمر والفرد الأول صار كأن لم يكن.
الثاني: أنه لو تعلق الأمر بطبيعة قابلة للتعدد والتكرر كالصلاة مثلا لا ما كانت غير قابلة للتكرر كالقتل والذبح ونحوهما، وتعلق أمر ايجابي أو ندبي لخصوصية في تلك الطبيعة من باب تعدد المطلوب وكان ظرف المطلوب الثاني نفس الطبيعة لا امتثال الأمر بالطبيعة، فأتى بالطبيعة مجردة عن تلك الخصوصية، ثم أراد امتثال الأمر الثاني وتحصيل تلك الخصوصية فيجوز له الإتيان بالطبيعة ثانيا مقدمة لتحصيل تلك الخصوصية المأمور بها التي ظرفها نفس الطبيعة لا امتثال الأمر بها