تعالى: ﴿فعدة من أيام آخر﴾ (1) وأمر بتعجيل القضاء وفوريته قبل دخول رمضان، فإذا دخل رمضان فالأمر بالفورية والتعجيل يسقط ويبقى الأمر بأصل القضاء بحاله بلا أمر بالفورية، ولو مضى عليه سنين.
وتوهم كون رد السلام من هذا القبيل أيضا مدفوع بأن مقدارا من الفورية والمبادرة معتبرة في صدق رد التحية، فلو أخر عن هذا المقدار يخرج عن التحية، بل ربما يكون استهزاء فبالنسبة إلى هذا المقدار فوريته مسلمة، وأما بالنسبة إلى أزيد من هذا المقدار فلا دليل على فوريته حتى يكون مثالا لما نحن فيه، وهو الأمر بإتيان المأمور به أول زمان إمكانه بحيث لو خالف ولم يأت به في أول زمان الإمكان يسقط الأمر باتيانه فورا، ويبقى الأمر بأصل الفعل، إذ يجوز تأخير جواب السلام عن أول زمان الإمكان إلى زمان لا يخرج عن صدق رد التحية.
وكلامنا في ما نحن فيه فيما لم يجز التأخير، ولكن لو أخر عن أول زمان الإمكان لكان عاصيا وأمره بالفورية ساقطا بالعصيان.
وأما الأمر بالاستباق والمسارعة فالظاهر بقاؤهما ما دام الأمر بأصل الطبيعة باقيا منه، فيكون الأمر بهما كالأمر بالكلي المشكك، لأن الاستباق والمسارعة أمران إضافيان، فالإتيان بالمأمور به في كل آن استباق ومسارعة بالنسبة إلى الزمان اللاحق وإن كان تأخيرا بالنسبة إلى الزمان السابق، فإذا تعلق الأمر بالطبيعة وتعلق الأمر بالاستباق والمسارعة إلى اتيان تلك الطبيعة فإن أتى بالمأمور به في الزمان الأول فقد امتثل الأمر وسقط كلاهما بالامتثال، وإن لم يأت به في الزمان الأول فقد عصى الأمر بالاستباق والمسارعة، ولكن لم يسقط ذلك الأمر بالعصيان كما فيما لو أمر المولى بإتيان المأمور به في أول زمان الإمكان، لما عرفت من الفرق بين العنوانين وإذا لم يسقط الأمر بالعصيان فلازمه وجوب الإتيان بالمأمور به فورا ففورا، ولا يسقط الأمر بالاستباق والمبادرة في الزمان الثاني بترك الاستباق والمبادرة في الزمان الأول، بل بتركهما يكون عاصيا ولكن