كما لو اشتبه عبده بين عبيد غيره وقال: هؤلاء العبيد أحرار لوجه الله لا مانع من القول بعتق الواحد المعين وحصول الامتثال به، وأما فيما نحن فيه الذي واقعه أيضا غير معين فلا يمكن القول به.
الرابع: أن يقال يحصل الامتثال بالجميع، لأنه بعد بطلان كون المطلوب هو الواحد بشرط لا وكونه واحدا معينا وغير معين فلا مجال إلا للقول بأن الامتثال يحصل بالجميع، لأن كل واحد من الأفراد صالح لأن يقع به الامتثال فيحصل الامتثال بالجميع، والظاهر أنه لا مانع من الالتزام به، فتأمل.
الخامس: أن يقال: كما في أفراد الواجب التخييري سواء كان التخيير شرعيا أو عقليا تعيين المكلف به باختيار المكلف فأي فرد من الأفراد اختاره المكلف يتعين الواجب فيه فكذلك إذا أتى المكلف بأفراد يصلح كل واحد منهما لأن يقع به الامتثال، وأدى المكلف ما عليه من التكليف وخرج عن عهدته تعيين استقرار الامتثال يكون بتخيير المكلف - بالكسر - فأي واحد من الأفراد اختاره يستقر امتثال الأمر به، كما إذا أمر عبده بمجيء ماء وأحضر عنده كأسين من الماء دفعة فأيهما اختار المولى يحصل به الامتثال ويستقر اسقاط التكليف به، وهذا الوجه مشترك مع الوجه السابق في خروج العبد عن عهدة التكليف باتيان الجميع وإن اختص هذا الوجه باستقرار الامتثال بما يختاره المولى بخلاف الوجه السابق.
والظاهر أن هذا الوجه أحسن من سائر الوجوه.
وأما بناء على كون المطلوب بالأمر هو ايجاد الطبيعة فلا إشكال في حصول الامتثال بايجادها دفعة، سواء كان في ضمن فرد واحد أو أفراد متعددة، وفي خروج المكلف عن عهدة التكليف بحيث لو اقتصر عليه ولم يأت بشيء آخر لم يكن عليه شيء، وإلا لزم إما كون البعث إلى الطبيعة متعددا أو عدم كون الطبيعة بنفسها مأمورا بها، بل الطبيعة بشرط شيء آخر، وكلاهما خلاف الفرض، وإنما الإشكال في أنه هل للمكلف أن لا يقتصر على ما أتى به أم لا؟ وبعبارة آخرى هل له الامتثال ثانيا بعد الامتثال والخروج عن عهدة التكليف أم لا؟