أمر المولى بإهراق الماء في حلقه لرفع عطشه، فلا موقع للامتثال عقيب الامتثال وتبديله.
الثاني: أنه إذا تعلق الأمر بايجاد طبيعة وتعلق أمر آخر بايجادها مع خصوصية، ولا فرق بين أن تكون تلك الخصوصية خصوصية واجبة أو مستحبة على ما بيناه في محله، ولكن نفرض الكلام فيما إذا كانت الخصوصية مستحبة وكان الأمر الثاني ظرف امتثاله نفس الطبيعة لا امتثال أمرها وكانت الطبيعة قابلة للتكرر كالصلاة مثلا، بخلاف ما لم تكن قابلة للتكرر كالقتل والذبح فإنه إذا أتى المكلف من أول الأمر هذه الطبيعة مع تلك الخصوصية فقد امتثل الأمرين وحاز المصلحتين، ولو أتى بها بدون الخصوصية فقد امتثل أمر المتعلق بأصل الطبيعة وبقي الأمر المتعلق بتلك الخصوصية فله أن يأتي بالطبيعة مع تلك الخصوصية من جهة إدراك مصلحة الخصوصية لا أصل الطبيعة فإنه أدركها بايجادها بدون تلك الخصوصية، وإنما يأتي بالطبيعة مقدمة لإيجاد الخصوصية، إذ الفرض أن الخصوصية لا يمكن ايجادها بنفسها ويكون من الامتثال عقيب الامتثال، وتبديله بامتثال آخر صورة وإن لم يكن منه واقعا، إذ إتيان الطبيعة ثانيا ليس من جهة امتثال أمرها، بل من جهة مقدميتها لامتثال الأمر بالخصوصية كما لا يخفى.
وهذا ليس من الامتثال عقيب الامتثال وتبديله بامتثال آخر حقيقة ففي صورة اجتماع هذه القيود وهو ما إذا تعلق الأمر بطبيعة وأمر آخر بايجادها مع الخصوصية، وكان طرف امتثال الأمر الثاني نفس الطبيعة لا امتثال أمرها وكانت الطبيعة قابلة للتكرر والتعدد وأوجد المكلف الطبيعة المأمور بها بدون الخصوصية يجوز له، بل يستحب ايجادها ثانيا مع تلك الخصوصية تحصيلا لتلك الخصوصية المستحبة كما فرضناها، ويجب إيجاد الطبيعة ثانيا فيما كانت الخصوصية واجبة فيما إذا أتى بأصل الطبيعة مجردة عن الخصوصية وامتثال أمرها كما في بعض الفروض والتقادير على ما أشرنا إليه في محله، ويكون إتيانه من قبيل الامتثال بعد الامتثال صورة.