ركعات الوتر. قال الحافظ: والجمع بين هذه الروايات ممكن باختلاف الأحوال، ويحتمل أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها، فحيث تطول القراءة تقلل الركعات وبالعكس، وبه جزم الداودي وغيره قال: والاختلاف فيما زاد على العشرين راجع إلى الاختلاف في الوتر، فكأنه تارة يوتر بواحدة وتارة بثلاث. وقد روى محمد بن نصر من طريق داود بن قيس قال: أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز يعني بالمدينة يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث. وقال مالك: الامر عندنا بتسع وثلاثين، وبمكة بثلاث وعشرين، وليس في شئ من ذلك ضيق. قال الترمذي: أكثر ما قيل إنه يصلي إحدى وأربعين ركعة بركعة الوتر. ونقل ابن عبد البر عن الأسود بن يزيد أربعين يوتر بسبع وقيل ثمان وثلاثين، ذكره محمد بن نصر عن ابن يونس عن مالك. قال الحافظ: وهذا يمكن رده إلى الأول بانضمام ثلاث الوتر، لكن صرح في روايته بأنه يوتر بواحدة، فيكون أربعين إلا واحدة. قال مالك: وعلى هذا العمل منذ بضع ومائة سنة.
وروي عن مالك ست وأربعون وثلاث الوتر. قال في الفتح: وهذا المشهور عنه، وقد رواه ابن وهب عن العمري عن نافع قال: لم أدرك الناس إلا وهم يصلون تسعا وثلاثين، ويوترون منها بثلاث. وعن زرارة بن أوفى أنه كان يصلي بهم بالبصرة أربعا وثلاثين ويوتر. وعن سعيد بن جبير أربعا وعشرين، وقيل: ست عشرة غير الوتر، هذا حاصل ما ذكره في الفتح من الاختلاف في ذلك. وأما العدد الثابت عنه (ص) في صلاته في رمضان فأخرج البخاري وغيره عن عائشة أنها قالت: ما كان النبي (ص) يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة وأخرج ابن حبان في صحيحه من حديث جابر أنه صلى الله عليه وآله وسلم: صلى بهم ثمان ركعات ثم أوتر. وأخرج البيهقي عن ابن عباس: كان يصلي في شهر رمضان في غير جماعة عشرين ركعة والوتر.
زاد سليم الرازي في كتاب الترغيب له: ويوتر بثلاث قال البيهقي: تفرد به أبو شيبة إبراهيم بن عثمان وهو ضعيف. وأما مقدار القراءة في كل ركعة فلم يرد به دليل.
(والحاصل) أن الذي دلت عليه أحاديث الباب وما يشابهها هو مشروعية القيام في رمضان، والصلاة فيه جماعة وفرادى، فقصر الصلاة المسماة بالتراويح على عدد معين، وتخصيصها بقراءة مخصوصة لم يرد به سنة.