رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أنصب له حصيرا على باب حجرتي ففعلت، فخرج إليه بعد أن صلى عشاء الآخرة، فاجتمع إليه من في المسجد فصلى بهم وذكرت القصة بمعنى ما تقدم غير أن فيها أنه لم يخرج إليهم في الليلة الثانية رواه أحمد.
قوله: صلى في المسجد الخ، قال النووي: فيه جواز النافلة جماعة، ولكن الاختيار فيها الانفراد إلا نوافل مخصوصة وهي العيد والكسوف والاستسقاء. وكذا التراويح عند الجمهور كما سبق. وفيه جواز النافلة في المسجد وإن كان البيت أفضل، ولعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما فعلها في المسجد لبيان الجواز، أو أنه كان معتكفا. وفيه جواز الاقتداء بمن لم ينو إمامته قال: وهذا صحيح على المشهور من مذهبنا ومذاهب العلماء، ولكن إن نوى الامام إمامتهم بعد اقتدائهم حصلت فضيلة الجماعة له ولهم، وإن لم ينوها حصلت لهم فضيلة الجماعة، ولا تحصل للامام على الأصح لأنه لم ينوها، والأعمال بالنيات، وأما المأمومون فقد نووها. وفيه إذا تعارضت مصلحة وخوف مفسدة أو مصلحتان اعتبر أهمها، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان رأى الصلاة في المسجد مصلحة لما ذكرناه، فلما عارضه خوف الافتراض عليهم تركه لعظم المفسدة التي يخاف من عجزهم وتركهم للفرض، وفيه أن الامام وكبير القوم إذا فعل شيئا خلاف ما يتوقعه أتباعه، وكان له فيه عذر يذكره لهم تطييبا لقلوبهم وإصلاحا لذا ت البين لئلا يظنوا خلاف هذا، وربما ظنوا ظن السوء. قوله: أوزاعا أي جماعات. والحديث) استدل به المصنف على صلاة التراويح. وقد استدل به على ذلك غيره كالبخاري، فإنه ذكره من جملة الأحاديث التي ذكرها في كتاب التراويح من صحيحه. ووجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعل الصلاة في المسجد وصلى خلفه الناس ولم ينكر عليهم، وكان ذلك في رمضان، ولم يترك إلا لخشية الافتراض، فصح الاستدلال به على مشروعية مطلق التجمع في النوافل في ليالي رمضان، وأما فعلها على الصفة التي يفعلونها الآن من ملازمة عدد مخصوص وقراءة مخصوصة في كل ليلة فسيأتي الكلام عليه. (ومن جملة) ما استدل به البخاري عليها حديث عائشة وهو أيضا في صحيح مسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى