حصين قال: ثم سلم وفيه دليل على مشروعية التسليم في سجود السهو، وقد نقل بعض المتأخرين عن النووي أن الشافعية لا يثبتون التسليم، وهو خلاف المشهور عن الشافعية والمعروف في كتبهم، وخلاف ما صرح به النووي في شرح مسلم فإنه قال: والصحيح في مذهبنا أنه يسلم ولا يتشهد.
وعن عمران بن حصين: أن رسول الله (ص) صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات ثم دخل منزله وفي لفظ: فدخل الحجرة فقام إليه رجل يقال له الخرباق وكان في يده طول فقال: يا رسول الله فذكر له صنيعه فخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس فقال: أصد هذا؟ قالوا: نعم، فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم. رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.
الكلام على فقه الحديث قد تقدم، وتقدم أيضا الاختلاف بين أهل العلم، هل حديث عمران هذا وحديث أبي هريرة المتقدم حكاية لقصة واحدة أو لقصتين مختلفتين؟ والظاهر ما قاله ابن خزيمة ومن تبعه من التعدد، لأن دعوى الاتحاد تحتاج إلى تأويلات متعسفة كما سلف. وتقدم أيضا ضبط الخرباق وأنه اسم ذي اليدين. (وفي الباب) عن ابن عباس عند البزار والطبراني في الكبير: أن رسول الله (ص) صلى بهم العصر ثلاثا، فدخل على بعض نسائه، فدخل عليه رجل من أصحابه يقال له ذو الشمالين الحديث.
وعن عطاء: أن ابن الزبير صلى المغرب فسلم في ركعتين فنهض ليستلم الحجر فسبح القوم فقال: ما شأنكم؟ قال: فصلى ما بقي وسجد سجدتين قال: فذكر ذلك لابن عباس فقال: ما أماط عن سنة نبيه (ص) رواه أحمد.
الحديث أيضا أخرجه البزار والطبراني في الأوسط والكبير، قال في مجمع الزوائد:
ورجال أحمد رجال الصحيح. قوله: ما أماط أوله همزة مفتوحة وآخره مهملة. قال في القاموس، ماط يميط ميطا جار وزجر، وعنى ميطانا وميطا تنحى وبعد، ونحى وأبعد كأماط فيهما اه. والمراد هنا أن ابن الزبير ما بعد ولا تنحى عن السنة، أو ما أبعد ولا نحى غيره عنها بما فعله، لما تقدم من ثبوت ذلك عنه (ص)، والخلاف في جواز البناء قد مر.