كما ذكره المصنف، قال في التلخيص: وقد استنكره أحمد وصحته بعيدة، فإن عائشة كانت تتم. وذكر عروة أنها تأولت ما تأول عثمان كما في الصحيح، فلو كان عندها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رواية لم يقل عروة عنها أنها تأولت. قال في الهدى بعد ذكر هذا الحديث: وسمعت شيخ الاسلام ابن تيمية يقول: هو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وقد روي كان يقصر، وتتم الأول بالياء آخر الحروف، والثاني بالتاء المثناة من فوق، وكذلك يفطر وتصوم، قال: قال شيخنا: وهذا باطل، ثم ذكر نحو الكلام السابق من استبعاد مخالفة عائشة لرسول الله (ص) والصحابة، وكذا ضبط الحافظ في التلخيص لفظ تتم وتصوم في هذا الحديث بالمثناة من فوق. (وقد استدل) بحديثي الباب القائلون بأن القصر رخصة، وقد تقدم ذكرهم، ويجاب عنهم بأن الحديث الثاني لا حجة فيه لهم، لما تقدم من أن لفظ تتم وتصوم بالفوقانية، لأن فعلها على فرض عدم معارضته لقوله وفعله (ص) لا حجة فيه، فكيف إذا كان معارضا للثابت عنه من طريقها وطريق غيرها من الصحابة؟ وأما الحديث الأول فلو كان صحيحا لكان حجة لقوله (ص) في الجواب عنها: أحسنت ولكنه لا ينتهض لمعارضة ما في الصحيحين وغيرهما من طريق جماعة من الصحابة، وهذا بعد تسليم أنه حسن كما قال الدارقطني، فكيف وقد طعن فيه بتلك المطاعن المتقدمة؟ فإنها بمجردها توجب سقوط الاستدلال به عند عدم المعارض.
وعن عمر أنه قال: صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، تمام من غير قصر على لسان محمد (ص) رواه أحمد والنسائي وابن ماجة. وعن ابن عمر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتانا ونحن ضلال فعلمنا فكان فيما علمنا أن الله عز وجل أمرنا أن نصلي ركعتين في السفر رواه النسائي. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص):
إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته رواه أحمد.
الحديث المروي عن عمر رجاله رجال الصحيح إلا يزيد بن زياد بن أبي الجعد وقد وثقه أحمد وابن معين. وقد روي من طريق أخرى بأسانيد رجالها رجال الصحيح. وقد قال ابن القيم في الهدى: هو ثابت عنه، قال: وهو الذي سأل النبي (ص): ما بالنا نقصر وقد أمنا؟ فقال له رسول الله (ص): صدقة تصدق الله بها عليكم