وقال مالك: يعيد ما دام في الوقت اه. وإلى الثاني الشافعي ومالك وأحمد. قال النووي وأكثر العلماء: وروي عن عائشة وعثمان وابن عباس، قال ابن المنذر: وقد أجمعوا على أنه لا يقصر في الصبح ولا في المغرب. قال النووي: ذهب الجمهور إلى أنه يجوز القصر في كل سفر مباح، وذهب بعض السلف إلى أنه يشترط في القصر الخوف في السفر، وبعضهم كونه سفر حج أو عمرة. وعن بعضهم كونه سفر طاعة. (احتج القائلون) بوجوب القصر بحجج. الأولى: ملازمته (ص) للقصر في جميع أسفاره كما في حديث ابن عمر المذكور في الباب، ولم يثبت عنه (ص) أنه أتم الرباعية في السفر البتة. كما قال ابن القيم، وأما حديث عائشة الآتي المشتمل على أنه (ص) أتم الصلاة في السفر فسيأتي أنه لم يصح، ويجاب عن هذه الحجة بأن مجرد الملازمة لا يدل على الوجوب. كما ذهب إلى ذلك جمهور أئمة الأصول وغيرهم. الحجة الثانية:
حديث عائشة المتفق عليه بألفاظ، منها: فرضت الصلاة ركعتين فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر، وهو دليل ناهض على الوجوب، لأن صلاة السفر إذا كانت مفروضة ركعتين لم تجز الزيادة عليها، كما أنها لا تجوز الزيادة على أربع في الحضر، وقد أجيب عن هذه الحجة بأجوبة. منها: أن الحديث من قول عائشة غير مرفوع، وأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة، وأنه لو كان ثابتا لنقل تواترا، وقد قدمنا الجواب عن هذه الأجوبة في أول كتاب الصلاة في الموضع الذي ذكر فيه المصنف حديث عائشة. ومنها: أن المراد يقولها فرضت أي قدرت وهو خلاف الظاهر. ومنها: ما قال النووي أن المراد بقولها فرضت يعني لمن أراد الاقتصار عليهما، فزيد في صلاة الحضر ركعتان على سبيل التحتم، وأقرت صلاة السفر على جواز الاقتصار، وهو تأويل متعسف لا يعول على مثله. ومنها:
المعارضة لحديث عائشة بأدلتهم التي تمسكوا بها في عدم وجوب القصر وسيأتي ويأتي الجواب عنها. الحجة الثالثة: ما في صحيح مسلم عن ابن عباس أنه قال: إن الله عز وجل فرض الصلاة على لسان نبيكم على المسافر ركعتين، وعلى المقيم أربعا، والخوف ركعة فهذا الصحابي الجليل قد حكى عن الله عز وجل أنه فرض صلاة السفر ركعتين، وهو أتقى لله وأخشى من أن يحكى أن الله فرض ذلك بلا برهان. والحجة الرابعة: حديث عمر عند النسائي وغيره: صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفجر ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة المسافر ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد (ص) وسيأتي، وهو يدل على