في إسناده عبد الوهاب بن مجاهد بن جبير وهو متروك، وقد نسبه النووي إلى الكذب. وقال الأزدي: لا تحل الرواية عنه، والراوي عنه إسماعيل بن عياش وهو ضعيف في الحجازيين، وعبد الوهاب المذكور حجازي، والصحيح أنه موقوف على ابن عباس، كما أخرجه عنه الشافعي بإسناد صحيح، ومالك في الموطأ، إذا تقرر لك هذا فالمتيقن هو ثلاثة فراسخ لأن حديث أنس المذكور في الباب متردد ما بينها وبين ثلاثة أميال، والثلاثة الأميال مندرجة في الثلاثة الفراسخ، فيؤخذ بالأكثر احتياطا، ولكنه روى سعيد بن منصور عن أبي سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سافر فرسخا يقصر الصلاة. وقد أورد الحافظ هذا في التلخيص ولم يتكلم عليه، فإن صح كان الفرسخ هو المتيقن، ولا يقصر فيما دونه إلا إذا كان يسمى سفرا لغة أو شرعا. وقد اختلف أيضا فيمن قصد سفرا يقصر في مثله الصلاة على اختلاف الأقوال من أين يقصر. فقال ابن المنذر: أجمعوا على أن لمريد السفر أن يقصر إذا خرج عن جميع بيوت القرية التي يخرج منها، واختلفوا فيما قبل الخروج من البيوت، فذهب الجمهور إلى أنه لا بد من مفارقة جميع البيوت، وذهب بعض الكوفيين إلى أنه إذا أراد السفر يصلي ركعتين ولو كان في منزله، ومنهم من قال: إذا ركب قصر إن شاء. ورجح ابن المنذر الأول بأنهم اتفقوا على أنه يقصر إذا فارق البيوت، واختلفوا فيما قبل ذلك، فعليه الاتمام على أصل ما كان عليه حتى يثبت أن له القصر، قال: ولا أعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قصر في سفر من أسفاره إلا بعد خروجه من المدينة.
باب أن من دخل بلدا فنوى الإقامة فيه أربعا يقصر عن أبي هريرة: أنه صلى مع النبي (ص) إلى مكة في المسير والمقام بمكة إلى أن رجعوا ركعتين ركعتين رواه أبو داود والطيالسي في مسنده.
وعن يحيى بن أبو إسحاق عن أنس قال: خرجنا مع النبي (ص) من المدينة إلى مكة فصلى ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة، قلت: أقمتم بها شيئا؟ قال: أقمنا بها عشرا متفق عليه. ولمسلم: خرجنا من المدينة إلى الحج ثم ذكر مثله. وقال أحمد: إنما وجه حديث أنس. إنه حسب مقام النبي (ص) بمكة ومنى وإلا