يكن نزل ايجاب إيتاء النساء صدقاتهن بعد، الثاني انه ليس في ذلك الخبر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ذلك، وقال بعضهم: هذا خاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم * قال أبو محمد: وهذا كذب * برهان ذلك قول الله عز وجل: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) فكل ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فالفضل لنا والاجر والاحسان في أن نفعل كما فعل ائتساء به والمانع من ذلك مخطئ والراغب عن سنته ظالم لنفسه هالك الا أن يأتي نص قرآن أو سنة ثابتة بأنه خصوصي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يحل ان يعمل به حينئذ والعجب كله ان هؤلاء يأتون إلى ما عمله عليه الصلاة والسلام ولم يخبر المؤمنين انه خاص له فيقولون: هو خاص له ثم يأتون إلى نكاح الموهوبة وقد نص الله عز وجل عل أنها خالصة له عليه الصلاة والسلام دون المؤمنين فيقولون: هو عام لكل أحد نعوذ بالله مما ابتلوا به * وقال بعضهم: أرأيت أن طلقها قبل الدخول؟ فقلنا: إن كان قد علمها السورة التي أصدقها تعليمها فقد استوفت صداقها ولا سبيل لها إليه لأنه عرض قد انقضى وإن كان لم يعلمها إياه فعليه ان يعلمها نصفها فقط، وهذا لا يحرم على أحد يعنى تعليم امرأة أجنبية، وقد كلم أمهات المؤمنين الناس * قال أبو محمد: وقال بقولنا طائفة من السلف * روينا من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: لو رضيت بسواك من أراك (1) لكان مهرا * ومن طريق وكيع عن الحسن بن صالح بن حي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: (ليس على أحد جناح ان يتزوج بقليل ماله أو كثيره إذا استشهدوا وتراضوا) وروى عن عبد الرحمن بن مهدي عن صالح بن رومان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: (من أعطى في صداق امرأة ملء حفنة (2) من سويق أو تمر فقد استحل) * ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن حميد عن أنس بن مالك ان عبد الرحمن بن عوف قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (تزوجت امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم سقت إليها؟ قال: وزن نواة من ذهب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولم ولو بشاة) قال عبد الرزاق: فأخبرني إسماعيل بن عبد الله عن حميد عن أنس قال: وذلك دانقان من ذهب * قال أبو محمد: الدانق سدس الدرهم الطبري وهو الأندلسي فالدانقان وزن ثلث درهم أندلسي وهو سدس المثقال من الذهب، وهذا خبر مسند صحيح، فان قيل:
فقد رويتم من طريق سعيد بن منصور نا أبو معاوية نا حجاج هو ابن أرطاة عن قتادة