طلاقها مهرا لها بعد ذلك فكذلك العتق * قال أبو محمد: وهذا قول في غاية الفساد والسخافة لأنه قياس والقياس كله باطل، ثم لو صح لكان هذا منه عين الباطل لان قياس أصل على أصل آخر لا يجوز عندهم ولا شبه بين الطلاق والعتق لان العتق يبطل الرق كما قالوا: وأما الطلاق فقد كذبوا في قولهم أنه يبطل النكاح بل للمطلق الذي وطئها دون الثلاث ان يرتجعها فصح انه لم يبطل نكاحه بخلاف العتق الذي لا يجوز له ارتجاعه في الرق، وأيضا فان العتق اخراج مال عن ملكه وليس الطلاق كذلك فبطل تمويههم البارد والحمد لله رب العالمين، وقال بعضهم: هذا خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم * قال أبو محمد: هذا كذب ومخالفة لقول الله عز وجل: (لقد كان لكم في رسول أسوة حسنة) فكل فعل فعله عليه الصلاة والسلام لنا الفضل في الائتساء به عليه الصلاة والسلام ما لم يأت نص بأنه خصوص فنقف عنده ولو قالوا هذا لأنفسهم في اجازتهم الموهوبة التي لا تحل لغيره عليه الصلاة والسلام لوفقوا، وقال بعضهم: قد رويتم في ذلك ما كتب به إليكم داود بن بابشاذ قال: نا عبد الغنى بن سعيد الحافظ نا هشام بن محمد بن قرة نا أبو جعفر الطحاوي نا أحمد بن داود نا يعقوب بن حميد - وهو ابن كاسب قال: نا حماد بن زيد عن عبد الله بن عون قال: (كتب إلى نافع ان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ جويرية في غزوة بنى المصطلق فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها) أخبرني بذلك عبد الله بن عمر كان في ذلك الجيش قالوا: وابن عمر لا يرى ذلك فمحال أن يترك ما روى الا لفضل علم عنده بخلاف ذلك * قال أبو محمد: لو صح ما ذكروه من أن ابن عمر لم ير ذلك لما كانت فيه حجة لان الحجة التي أمرنا الله تعالى بها وباتباعها إنما هي ما رووه لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ما رواه من رآه منهم (1) برأي اجتهد فيه وأصاب ان وافق النص فله أجران أو أخطأ إن خالف النص غير قاصد إلى خلافه فله أجر واحد، وقد أفردنا في كتابنا المرسوم بالاعراب في كشف الالتباس بابا ضخما لكل واحدة من الطائفتين فيما تناقضوا فيه في هذا المكان فاخذوا برواية الصاحب وخالفوا رأيه الذي خالف به ما روى، والذي نعرفه عن ابن عمر فهو ما رويناه من طريق سعيد بن منصور نا هشيم. وجرير كلاهما عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي قال، (ان ابن عمر كان يقول في الرجل يعتق الجارية ثم يتزوجها كالراكب بدنته) قال إبراهيم وكان أعجب ذلك إلى أصحابنا ان يجعلوا عتقها صداقها
(٥٠٣)