في الحكم بالظاهر وأما في الباطن فهو على ما يعلمه من نفسه، فإن كان صادقا في دعواه لم يجز له وطؤها أيضا إلا على الوجه الذي يحل له وطء مثلها.
مسألة: إذا ادعى زيد على عمرو مالا في مجلس الحكم فقال عمرو: لا أقر ولا أنكر، أو قال: لا أدري ما يقول، أو قال: أنا مقر أو منكر. هل يكون ذلك جوابا صحيحا أم لا وما الحكم فيه؟
الجواب: إذا ذكر ذلك بين يدي الحاكم لم يكن جوابا صحيحا وكان على الحاكم أن يقول له: إن أجبت بجواب صحيح وإلا جعلتك ناكلا ورددت اليمين على خصمك. فإن لم يجب بجواب صحيح وهو يقول: أنا مقر أو أنا منكر، جعله الحاكم ناكلا ورد اليمين على خصمه وإنما جعل ناكلا لأنه لو أجاب بجواب صحيح وامتنع من اليمين لجعل ناكلا وإذا امتنع من الجواب واليمين فأولى أن يكون ناكلا وإنما لم يكن قوله: لا أقر ولا أنكر، جوابا صحيحا لاحتماله أن يريد أقر فيما بعد أو أقر بوحدانية الله تعالى وكذلك قوله: لا أنكر يحتمل لا أنكر وحدانية الله تعالى أو لا أنكر فضلك، وإذا كان ذلك محتملا لم يصح الجواب به حتى يجيب بما يزول معه الاحتمال مما قدمناه ذكره وقوله: لا أدري ما يقول، إنما لم يكن جوابا صحيحا لأنه أعلم بما يقول خصمه وكيف يقول لا أدري به وقوله: أنا مقر أو منكر، إنما يجري مجرى ما تقدم في أنه ليس بجواب صحيح لمثل ما ذكرناه في الوحدانية وغيرها.
مسألة: إذا قال: لزيد على مائة، ثم سكت ثم قال: من ثمن مبيع لم أقبضه، أو قال:
له على مائة من ثمن مبيع، ثم سكت ثم قال: لم أقبضه، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا قال الأول لم يقبل منه المبيع لأنه أقر بالمائة وفسر ذلك بما يسقط إقراره وأما الثاني فلا يجري مجرى الأول لأنه إذا قال: له على مائة من ثمن مبيع، ثم يسكت ثم قال لم أقبضه، قبل ذلك منه لأن قوله بعد السكوت: لم أقبضه، غير مناف له إقرارا الأول لأنه قد يكون عليه مائة دينار ثمنا ولا يلزمه تسليمها حتى يقبض المبيع ولأن الأصل عدم القبض.
مسألة: إذا شهد على انسان شهود بإقراره ولم يقولوا هو صحيح العقل هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: تصح الشهادة بذلك لأن الظاهر صحة إقراره ولأن الظاهر أيضا أن الشهود لا يتحملون الشهادة على من ليس بعاقل، فإن ادعى المشهود عليه بالإقرار أنه أقر وهو مجنون وأنكر المقر له ذلك كان القول قوله مع يمينه لأن الأصل عدم الجنون ولأن الشهود