المسلم على الصحة، والمفروض أن الجائر من المسلمين فيعامل معاملة بقية المسلمين.
ولكن يرد عليه أنه لم يقم دليل لفظي على اعتبار أصالة الصحة، لكي يتمسك باطلاقه في كل مورد يشك فيه، ودليلها إنما هو السيرة، وهي من الأدلة اللبية، فيؤخذ بالمقدار المتيقن منها، وهو نفس العقود والايقاعات مع احراز أهلية المتصرف للتصرف.
وعليه فإذا شك في أن العقد الفلاني تحقق صحيحا أو فاسدا لخلل في ايجابه أو قبوله فإنه يحمل على الصحة، وأما إذا شك فيه من جهة أخرى فلا دليل على حمل فعل المسلم على الصحة.
ومن هنا لو أشار أحد إلى دار معينة وقال: بعتك هذه الدار بكذا، فإنه لا يمكن الحكم بصحة هذه المعاملة اعتمادا على أصالة الصحة إذا انتفت قاعدة اليد، أو إذا قطعنا النظر عنها.
ومن هنا أيضا لو شك في أن البائع أصيل أو فضولي، فإنه لا وجه لحمله على الأول بمقتضى أصالة الصحة.
وقد يقال: إن المراد بالأصل هو أصالة الإباحة الثابتة بالأدلة العقلية والنقلية.
وفيه: أن أصالة الإباحة إنما تجري في الأموال إذا لم تكن مسبوقة بيد أخرى، كالمباحات الأصلية التي ملكها الجائر بالحيازة، وأما إذا كانت مسبوقة بيد أخرى فإن أصالة الإباحة محكومة بأصل آخر، وهو عدم انتقال الأموال المذكورة إلى الجائر من مالكها السابق، فيحرم تناول تلك الأموال من الجائر، إذ ليس هنا أصل موضوعي يثبت مالكيته لما في يده إلا قاعدة اليد، والمفروض أنها لا تجري في المقام.