الاحتياج إلى الأدوية موجبا لتبدل عنوان الضرر إلى النفع فليكن الاحتياج إلى الأبوال في حال المرض كذلك، مع أن الأمر ليس كذلك، فإن من الواضح جدا أن الاحتياج إلى الأدوية والعقاقير حال المرض ليس من قبيل تبدل موضوع الضرر بموضوع النفع، كانتقال موضوع التمام إلى موضوع القصر، وإنما هو كالاحتياج إلى سائر الأشياء بحسب الطبع.
وأما النقض ففيه أولا: أنه لا يجوز أن تعلل حرمة الأدوية في غير حال المرض بالاضرار، لأنه من العناوين الثانوية، فلا يمكن أن يكون علة لثبوت الحرمة للشئ بعنوانه الأولي، ولو صح ذلك لم يوجد شئ يكون حلالا بعنوانه الأولي إلا نادرا، وذلك لأنه لا بد من عروض عنوان الضرر عليه في مرتبة من مراتب استعماله فيكون حراما.
وثانيا: أن عنوان الاضرار ليس مما تكون الحرمة ثابتة عليه بالذات أو بعنوان غير منفك، لأنه ليس أمرا مضبوطا بل يختلف بالإضافة إلى الأشخاص والأزمنة والأمكنة والمقدار، وربما يكون الشئ مضرا بالإضافة إلى شخص حار المزاج دون غيره، وبالنسبة إلى منطقة دون منطقة، أو بمقدار خاص دون الأقل منه.
بل لو كان عنوان الاضرار موجبا لحرمة البيع لما جاز بيع شئ من المشروبات والمأكولات، إذ ما من شئ إلا وهو مضر للمزاج أزيد من حده.
نعم لو دل دليل على أن ما أضر كثيره فقليله حرام، كما ورد في الخمر:
فما أسكر كثيره فقليله حرام (1)، لتوجه ما ذكره من النقض.