2 - إنا لو سلمنا المعارضة المذكورة التي أبداها المصنف بين مفهوم رواية سماعة وبين المطلقات المزبورة، فإنه لا وجه للرجوع إلى مطلقات حرمة الكذب، إذ النسبة بين الاطلاقين هي العموم من وجه، وبعد تعارضهما في مادة الاجتماع وتساقطهما فيها يرجع إلى أصالة الحل.
وفيه: أنه لم يظهر لنا مراده من هذا الاشكال، فإن النسبة بين الاطلاقين هي العموم المطلق، لأن ما دل على جواز الكذب أخص مما دل على حرمته، وإذن فلا مناص عن تقييد مطلقات حرمة الكذب بما دل على جوازه في موارد خاصة.
والتحقيق أنه لا وجه لرفع اليد عن المطلقات الدالة على جواز الحلف كاذبا لانجاء النفس المحترمة من الهلكة، ولحفظ مال نفسه أو مال أخيه عن التلف، فقد ذكرنا في مبحث التعادل والترجيح من علم الأصول أن من المرجحات في الدليلين المتعارضين بالعموم من وجه أن يلزم من تقديم أحدهما إلغاء العنوان المأخوذ في الدليل الآخر على سبيل الموضوعية بخلاف العكس، وقد مثلنا له في بعض المباحث السابقة بأمثلة متعددة (1)، وواضح أن ما نحن فيه من هذا القبيل.
فإن المطلقات المذكورة دلت على جواز الحلف كاذبا لانجاء النفس المحترمة ولحفظ مال نفسه أو مال أخيه، وهي مشتركة مع رواية سماعة وما في معناها في تجويز الحلف كاذبا للاكراه والاضطرار، وإنما تمتاز المطلقات عن رواية سماعة وما يساويها في المضمون باشتمالها على جواز الحلف الكاذب في غير موارد الخوف والاضطرار أيضا.
وعليه فلو قدمنا رواية سماعة وما في مضمونها على المطلقات