2 - أن ينشئ المتكلم ما التزمه بنفس أصله التي تكلم بها، بأن يقول:
لك على كذا درهما أو دينارا أو ثوبا، ونظيره صيغ النذر والعهد، كقولك:
لله على أن أفعل كذا.
ولا ريب أن مثل هذه الجمل انشائية محضة، فلا تتصف بالصدق ولا بالكذب بالمعنى المتعارف، بل الصدق والكذب في ذلك بمعنى الوفاء بهذا الالتزام وعدم الوفاء به.
3 - أن يخبر المتكلم عن الوفاء بأمر مستقبل، كقوله: أجيئك غدا، أو أعطيك درهما بعد ساعة، أو أدعوك إلى ضيافتي بعد شهر، وهذه جمل خبرية بالحمل الشايع ولكنها مخبرة عن أمور مستقبلة، كسائر الجمل الخبرية الحاكية عن الحوادث الآتية، كالاخبار عن قدوم المسافر غدا، وعن نزول الضيف يوم الجمعة، وعن وقوع الحرب بين السلاطين بعد شهر.
ولا شبهة في اتصاف هذا القسم من الوعد بالصدق والكذب، فإنها عبارة عن موافقة الخبر للواقع وعدم موافقته له، من غير فرق بين أنواع الخبر، وهو واضح.
وأما حرمة الكذب هنا فإن تنجزها يتوقف على عدم احراز تحقق المخبر به في ظرفه، فيكون النهي عنه منجزا حينئذ، وأما لو أحرز حين الاخبار تحقق الوفاء بوعده في ظرفه ولكن بدا له أو حصل له المانع من باب الاتفاق وأصبح مسلوب الاختيار عن الاتمام والانهاء لم تكن الحرمة منجزة وإن كان اخباره هذا في الواقع كذبا.
وأما حكم المقام من حيث خلف الوعد، فسيأتي التكلم عليه.
ومن هنا اتضح أن النسبة بين حرمة الكذب وبين خلف الوعد هي العموم من وجه، فإنه قد يتحقق الكذب المحرم حيث لا مورد لخلف