ورود النص المعتبرة على أنها مما أوجب الله عليها النار، ومن الواضح أن الوصية المذكورة ضعيفة السند.
أقول: قد عرفت أن الاطلاقات المتقدمة لا تنهض لاثبات المطلوب إما لضعف السند فيها أو لضعف الدلالة، وكذلك الشأن في رواية أبي ذر، فهي وإن كانت ظاهرة في المقصود ولكن قد عرفت أنها ضعيفة السند.
والتحقيق أنه لا دليل على جعل الكذب مطلقا من الكبائر، بل المذكور في رواية أبي خديجة: الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأوصياء (عليهم السلام) من الكبائر (1)، فإن الظاهر منها أنها مسوقة للتحديد وبيان أن الكذب الذي يعد كبيرة إنما هو الكذب الخاص، وعليه فتقيد بها المطلقات المتقدمة الظاهرة في كون الكذب بمطلقه من الكبائر، بناء على صحتها من حيث السند والدلالة، ولكن رواية أبي خديجة المذكورة ضعيفة السند.
وفي مرسلة الفقيه: من قال على ما لم أقله فليتبوأ مقعده من النار (2)، فإن الظاهر منها أن الكذب على الرسول من الكبائر، بناء على تفسير الكبيرة بما أوعد الله عليه النار في الكتاب العزيز أو في السنة المعتبرة، وعليه فيدخل فيه الكذب على الله وعلى أوصيائه (عليهم السلام) لملازمتهما للكذب على النبي (صلى الله عليه وآله)، ولكن الرواية ضعيفة السند.
وفي بعض الأحاديث (3) أن شهادة الزور واليمين الغموس الكاذبة التي يتعمدها صاحبها من الكبائر.