ولكن الذي يسهل الخطب أن السيرة القطعية بين المتشرعة قائمة على جواز خلف الوعد وعلى عدم معاملة من أخلف بوعده معاملة الفساق، ولم نعهد من أعاظم الأصحاب أن ينكروا على مخالفة الوعد كانكارهم على مخالفة الواجب وارتكاب الحرام، فهذه السيرة القطعية تكون قرينة على حمل الأخبار المذكورة على استحباب الوفاء بالوعد وكراهة مخالفته.
نعم الوفاء به والجري على طبقه من مهمات الجهات الأخلاقية، بل ربما توجب مخالفته سقوط الشخص عن الاعتبار في الأنظار، لحكم العقل على مرجوحيته.
ومع ذلك كله فرفع اليد عن ظهور الروايات وحملها على الاستحباب يحتاج إلى الجرأة، والأوفق بالاحتياط هو الوفاء بالوعد.
وقد يستدل على الحرمة أيضا بقوله تعالى: لم تقولون ما لا تفعلون ، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون (1)، حيث قيل: كبر أن تعدوا من أنفسكم ما لا تفون به مقتا عند الله (2)، وقد استشهد الإمام (عليه السلام) بهذه الآية أيضا على ذلك في بعض الروايات المتقدمة في الحاشية.
وفيه: أن الآية أجنبية عن حرمة مخالفة الوعد، فإنها راجعة إلى ذم القول بغير العمل، وعليه فموردها أحد الأمرين على سبيل مانعة الخلو:
1 - أن يتكلم الانسان بالأقاويل الكاذبة، بأن يخبر عن أشياء مع علمه بكذبها وعدم موافقتها للواقع ونفس الأمر، فإن هذا حرام بضرورة الاسلام كما تقدم.